للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لغةَ العربِ إلا جعلتُه نكالاً» (١)، وقالَ أيوبٌ السّختياني (ت: ١٣١)، والشّافعيُّ (ت: ٢٠٤): «عامَّةُ مَنْ تزندقَ بالعراقِ لجَهلِهم بالعربيّةِ» (٢)، وقالَ الواحدي (ت: ٤٦٨): «ما حدثت البدعُ والأهواءُ المُضلَّةُ إلا مِنْ الجهلِ بلغةِ العربِ» (٣).

المطلبُ الثّالثُ: أوجه الاستدلالِ بلغةِ العربِ على المعاني.

يُورِدُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) دليلَ اللُّغةِ في ثلاثِ صوَرٍ:

الأولى: التَّصريحُ بالاستدلالِ باللُّغةِ، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٤٦]: «إنْ قالَ لنا قائِلٌ: وكيفَ أخبرَ الله جلَّ وعزَّ عمَّن قد وصَفَه بالخشوعِ له بالطّاعةِ أنَّه يَظنُّ أنَّه مُلاقيه، والظَّنُّ شكٌّ، والشّاكُّ في لقاءِ الله جلَّ ثناؤُه عندَك بالله كافرٌ؟ قيلَ: إنَّ العربَ قد تُسمّي اليقينَ ظنّاً، والشَّكَّ ظنّاً، نظيرَ تسميَتِهم الظُّلمةَ سُدفةً، والضياءَ سُدفةً، والمُغيثَ صارِخاً، والمُستغيثَ صارِخاً، وما أشْبَه ذلك مِنْ الأسماءِ التي تُسمِّي بها الشّيءَ وضِدَّه، ومِمّا يدُلُّ على أنَّه يُسمّى به اليقينُ قولُ دُرَيْدِ ابنِ الصِّمَّةِ (٤):


(١) شعب الإيمان ٣/ ٥٤٣، والبسيط للواحدي ١/ ٤١١.
(٢) الزّينة في الكلمات الإسلاميّة (ص: ١٢٤)، والبسيط، للواحدي ١/ ٤٠٨.
(٣) البسيط ١/ ٤٠٨.
(٤) دريدُ بن الصِّمَّةِ معاوية بن الحارث، مِنْ هوازن، شاعرٌ فارسٌ شجاعٌ، أدركَ الإسلام فلم يُسلم، وشهدَ حُنين مُظاهراً مع الكفّارِ ومات بها. ينظر: الشِّعر والشُّعراء (ص: ٧٤٩)، والأغاني ١٠/ ٥.
والبيتُ في الأصمعيّات (ص: ١٠٧)، وفيه: «علانيةً ظُنّوا بأَلْفَي مُدجَّجٍ»، أي: قلتُ لهم علانيةً.

<<  <   >  >>