للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنَّما أرادوا أن يتبيَّنوا الحرفَ الغريبَ مِنْ القرآنِ بالشِّعرِ؛ لأنَّ الله تعالى قالَ ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزُّخرُف: ٣]، وقالَ ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٥]، وقالَ ابنُ عباسٍ: الشِّعرُ ديوانُ العربِ. فإذا خَفيَ عليهم الحرفُ مِنْ القرآنِ الذي أنزلَه الله بلغةِ العربِ رجعوا إلى ديوانِها فالتمسوا معرفةَ ذلك مِنه» (١)، وقالَ أيضاً: «وجاءَ عن أصحابِ رسولِ الله وتابعيهم مِنْ الاحتجاجِ على غريبِ القرآنِ ومُشْكِلِه باللُّغةِ والشِّعرِ ما بيَّنَ صِحَّةَ مذهبِ النَّحويّين في ذلك، وأَوْضحَ فسادَ مذهبِ مَنْ أنْكرَ عليهم» (٢).

ثالثاً: أنَّ الجهلَ بدليلِ لغةِ العربِ مِنْ أعظمِ ما يوقِعُ في التَّأويلاتِ الباطلةِ لآيِ القرآنِ الكريمِ، ولذلك كثُرَ تحذيرُ السَّلفِ مِنْ الكلامِ في التَّفسيرِ لغيرِ العالمِ بكلامِ العربِ؛ مِنْ ذلك قولُ مجاهد (ت: ١٠٤): «لا يَحلُّ لأحدٍ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ أن يتكلَّمَ في كتابِ الله إذا لم يكُنْ عالماً بلُغاتِ العربِ» (٣)، وقولُ الحسن (ت: ١١٠): «أهلكتهُم العُجْمةُ؛ يتأوَّلون القرآنَ على غيرِ تأويلِه» (٤)، وقولُ الزُّهري (ت: ١٢٤): «إنَّما أخطأَ النّاسُ في كثيرٍ مِنْ تأويلِ القرآنِ لجَهلِهم بلغةِ العربِ» (٥)، وقولُ مالك بن أنس (ت: ١٧٩): «لا أوتى برجلٍ يُفسِّرُ كلامَ الله وهولا يعرفُ


(١) المرجع السابق.
(٢) إيضاح الوقف والابتداء (ص: ٤٥).
(٣) البرهان في علوم القرآن ١/ ٢٩٢.
(٤) خلق أفعال العباد (ص: ٦١)، والاعتصام (ص: ١٨١).
(٥) الزّينة في الكلمات الإسلاميّة (ص: ١٢٤)، وخطبة الكتاب المؤمل للرد إلى الأمر الأوّل (ص: ٦٣).

<<  <   >  >>