للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاطَب عبادَه بما لا فائِدَةَ لهم فيه، ولا معنى له مِنْ الكلامِ؛ الذي سواءٌ الخِطابُ به وتركُ الخِطابِ به؛ وذلك إضافَةُ العَبَثِ -الذي هو منفيٌّ في قولِ جميعِ الموَحِّدين عن الله- إلى الله تعالى ذكرُه» (١)، وقالَ أيضاً مُبطِلاً ذلك في موضِعٍ آخر: «وغيرُ جائِزِ إبطالُ حرفٍ كانَ دليلاً على معنىً في الكلامِ» (٢)، وقالَ: «غيرُ جائِزٍ أن يكونَ في كتابِ الله شيءٌ لا معنى له، وأنَّ لِكُلِّ كلمَةٍ معنىً صحيحاً» (٣)، وقالَ أيضاً: «إنَّ كتابَ الله أبيَنُ البيانِ، وأصَحُّ الكلامِ، ومُحالٌ أن يوجَدَ فيه شيءٌ غيرُ مفهومِ المعنى» (٤).

القاعدةُ السّابعةُ: غيرُ جائزٍ تصويبُ قولٍ وتضعيفُ آخرَ إلا بدليلٍ.

هذه القاعِدَةُ أصلٌ في موازَنَةِ الأقوالِ، والحُكمِ عليها، وهي مِنْ تمامِ العَدلِ الذي أمرَ اللهُ تعالى به: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: ٥٨]، وقد اتَّخَذَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) ذلك منهجاً في تفسيرِه، كما نَصَّ عليه عندَ قولِه تعالى ﴿إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٨]، فقالَ: «وجائِزٌ أن تكونَ تلكَ البقيَّةُ: العصا، وكِسَرَ الألواحِ، والتَّوراةَ أو بعضَها، والنَّعلَيْن، والثِّيابَ، والجهادَ في سبيلِ الله، وجائِزٌ أن يكونَ بعضَ ذلك. وذلك أمرٌ لا يُدرَكُ عِلمُه مِنْ


(١) جامع البيان ١/ ٢٢٥.
(٢) جامع البيان ١/ ٤٦٧.
(٣) جامع البيان ١٠/ ٨٥.
(٤) جامع البيان ١٨/ ٣٠٢. وينظر: ٢/ ٣٠٧، ٤/ ٥٧٨، ٦/ ٣٢١، ٧/ ٥٢٨، ٨/ ١٢٧، ٣٢٥.

<<  <   >  >>