للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيرِه، فبعد أن بَيَّنَ أنَّ مِنْ القرآنِ ما لا يعلَمُ تأويلَه إلا الله؛ وهو «ما فيهِ مِنْ الخبرِ عن آجالٍ حادثةٍ، وأوقاتٍ آتيةٍ؛ كوقتِ قيامِ السّاعةِ، والنَّفخِ في الصور، ونزولِ عيسى بن مريمَ، وما أشبَهَ ذلك» (١)، قالَ: «وفي حَثِّ الله ﷿ عبادَه على الاعتبارِ بما في آيِ القرآنِ مِنْ المواعظِ والبيِّناتِ .. ما يدُلُّ على أنَّ عليهم معرفَةَ تأويلِ ما لم يُحجَبْ عنهم تأويلُه مِنْ آيِه؛ لأنَّه مُحالٌ أن يُقالَ لمن لا يَفهَمُ ما يُقالُ لهُ، ولا يعقِلُ تأويلَه: اعْتَبِر بما لا فَهمَ لك به ولا معرفةَ؛ مِنْ القِيلِ والبيانِ والكلامِ، إلا على معنى الأمرِ بأن يفهَمَه ويفقَهَه، ثُمَّ يَتَدَبَّرَه ويعتَبِرَ به، فأمَّا قبلَ ذلك فمُستَحيلٌ أمرُه بتدبُّره؛ وهو بمعناهُ جاهِلٌ» (٢)، وقالَ أيضاً: «إنَّ جميعَ ما أنزلَ الله ﷿ مِنْ آيِ القرآنِ على رسولِه فإنَّما أنزلَه عليه بياناً له ولأمَّتِه، وهُدىً للعالمين، وغيرُ جائِزٍ أن يكونَ فيه ما لا حاجَةَ بهم إليه، ولا أن يكونَ فيه ما بِهم إليه الحاجَةُ ثُمَّ لا يكونَ لهم إلى عِلمِ تأويلِه سبيلٌ» (٣).

كما سارَ على ذلك الأصلِ عمليّاً أثناءَ تفسيره، ومِن ذلك رَدُّه على بعضِ النَّحويّين في زَعمِه: أنَّ الحروفَ المُقطَّعةَ في أوائلِ السُّوَرِ لا معنى لها، وإنَّما هي زيادَةٌ في الكلامِ. بقولِه: «إنَّه أخطأَ مِنْ وجوهٍ شتَّى .. ، والوجهُ الثَّاني مِنْ خطئِه في ذلك: إضافَتُه إلى الله جلَّ ثناؤُه أنَّه


(١) جامع البيان ١/ ٦٨.
(٢) جامع البيان ١/ ٧٦.
(٣) جامع البيان ٥/ ١٩٩.

<<  <   >  >>