للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ [آل عمران: ١٨٨] الآية. قولُ مَنْ قالَ: عُنيَ بذلك أهلُ الكتابِ .. ؛ لأنَّ قولَه ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا﴾ [آل عمران: ١٨٨] الآية. في سياقِ الخبرِ عنهم، وهو شبيهٌ بقصَّتِهم، مع اتِّفاقِ أهلِ التَّأويلِ على أنَّهم المعنيّون بذلك» (١)، وقولِه: «وأَوْلى الأقوالِ بالصِّحَّةِ في تأويلِ قولِه ﴿أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٥]، قولُ مَنْ قالَ: السبيلُ التي جعلها الله جلَّ ثناؤُه للثَّيِّبَيْن المُحصَنَيْن الرَّجمُ بالحجارةِ، وللبِكرَيْن جلدُ مائةٍ ونفيُ سنةٍ؛ لصِحَّةِ الخبرِ عن رسولِ الله أنَّه رجمَ ولم يجلِدْ، وإجماعِ الحُجَّةِ التي لا يجوزُ عليها فيما نقلَته مُجمِعةً عليه = الخطأُ والسَّهوُ والكذبُ» (٢).

المطلبُ الثّاني: حُجِّيَّةُ الاستدلالِ بالإجماعِ على المعاني.

اتَّفقَ أهلُ العلمِ على أنَّ الإجماعَ حُجَّةٌ شرعيَّةٌ، يجبُ الأخذُ به، وتحرُمُ مُخالفتُه، قالَ الخطيبُ البغداديّ (ت: ٤٦٢): «إجماعُ أهلِ الاجتهادِ في كُلِّ عصرٍ حُجَّةٌ مِنْ حُجَجِ الشَّرعِ، ودليلٌ مِنْ أدلَّةِ الأحكامِ، مقطوعٌ على مَغِيبِه، ولا يجوزُ أن تجتمعَ الأمَّةُ على الخطأِ» (٣). والأدلَّةُ الشَّرعيَّةُ على حُجِّيَّةِ الإجماعِ كثيرةٌ متظاهرةٌ، وقد ذكرَ أكثرُ العلماءِ وعامَّةُ الأصوليِّين أنَّه لا مدخلَ للعقلِ في إثباتِ الإجماعِ دليلاً؛ لأنَّ


(١) جامع البيان ٦/ ٣٠٧.
(٢) جامع البيان ٦/ ٤٩٨. وينظر: ١/ ٢٩٠، ٦٩٣، ٢/ ١٠٢.
(٣) الفقيه والمتفقه ١/ ٣٩٧. وينظر: الرسالة (ص: ٤٧٢، ٤٧٥)، ومجموع الفتاوى ١٩/ ١٧٦، ٢٠/ ١٠.

<<  <   >  >>