للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القِسمةُ هي بالنِّسبةِ إلى أصولِ الأدلَّةِ .. ، ثُمَّ نقولُ: إنَّ الأدلَّةَ الشَّرعيَّةَ في أصلِها محصورةٌ في الضِّربِ الأوَّلِ؛ لأنّا لم نُثبِت الضِّربَ الثّاني بالعقلِ، وإنَّما أثبَتناه بالأوَّلِ، إذْ مِنه قامَت أدلَّةُ صِحَّةِ الاعتمادِ عليه، وإذْ كانَ كذلك فالأوَّلُ هو العُمدةُ» (١).

المطلبُ الثّالثُ: خصائصُ المُرجِّحاتِ في التَّفسيرِ.

تبيَّنَ مِمّا سبقَ أنَّ المُرجِّحاتِ أماراتٌ، ولا فرقَ في أصلِ اللُّغةِ بين الدَّليلِ والأمارةِ؛ إذْ كلاهما يُوصِلُ إلى المَطلوبِ (٢). أمّا في الاصطلاحِ فقد ذهبَ كثيرٌ مِنْ العلماءِ إلى أنَّ الدَّليلَ ما أفادَ القَطعَ، والأمارةَ ما أفادَ الظَّنَّ (٣). وخالَفَهم آخرون؛ وسَوَّوْا بين المعنيَيْن (٤)، والمسألةُ اصطلاحيَّةٌ، والخلافُ فيها هيِّنٌ. (٥)


(١) الموافقات ٣/ ٢٢٧.
(٢) يُنظر تعريفُ الدَّليلِ (ص: ٢٠).
(٣) وهو قَولُ الجصّاصِ (ت: ٣٧٠)، والباقلاني (ت: ٤٠٣)، والجوَيْني (ت: ٤٧٨). ونسبَه الباقلاني (ت: ٤٠٣) إلى الفُقهاءِ والمُتكلِّمين، ونسبَه الآمديّ (ت: ٦٣١) للأُصوليّين. وذكرَه السَّمعاني (ت: ٤٨٩) عن أكثرِ المُتكلِّمين لا جميعِهم. ينظر: الفقيه والمتفقه ٢/ ٤٥، والبحر المحيط ١/ ٢٦، وشرح الكوكب المنير ١/ ٥٣، والقطع والظَّن عند الأصوليّين ١/ ٦٦.
(٤) وهو قُولُ أبي يعلى (ت: ٤٥٨)، والخطيبِ البغدادي (ت: ٤٦٢)، والباجي (ت: ٤٧٤)، والشّيرازي (ت: ٤٧٦)، والسَّمعاني (ت: ٤٨٩)، وابنِ العربي (ت: ٥٤٣)، وابنِ قدامة (ت: ٦٢٠)، والآمدي (ت: ٦٣١)، وصفيّ الدّين الهندي (ت: ٧١٥)، والزَّركشي (ت: ٧٩٤)، وابنِ النَّجّار (ت: ٩٧٢)، ونسباه إلى أكثرِ الفقهاءِ والأصوليّين. يُنظر: الفقيه والمتفقه ٢/ ٤٥، والبحر المحيط ١/ ٢٦، وشرح الكوكب المنير ١/ ٥٣، والقطع والظَّن عند الأصوليّين ١/ ٧٢.
(٥) قالَ الخطيبُ البغدادي (ت: ٤٦٢): «وما غلطَ الفُقهاءُ ولا المُتكلِّمون»، وقالَ الطّوفي (ت: ٧١٦): «والخلافُ اصطلاحيٌّ». يُنظر: الفقيه والمتفقه ٢/ ٤٥، وشرح مُختصر الرَّوضة ٢/ ٦٧٤.

<<  <   >  >>