للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبهذا يتبَيَّنُ أنَّه لا سبيلَ إلى إصابةِ الحقِّ في بيانِ معاني كتابِ الله تعالى إلا بمعرفةِ الدَّليلِ، وأنَّ الكلامَ فيه بغيرِ دليلٍ بابٌ عظيمٌ مِنْ أبوابِ التَّقَوُّلِ على الله، وسببٌ عظيمٌ مِنْ أسبابِ الزَّللِ والخطأِ، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «أحقُّ المفسِّرين بإصابَةِ الحقِّ في تأويلِ القرآنِ: أوضَحُهم حُجَّةً فيما تأَوَّلَ وفسَّرَ؛ ممّا كانَ تأويلُه إلى رسولِ الله دون سائرِ أمَّتِه .. ، وأوضَحُهم برهانًا فيما ترجَمَ وبيَّنَ مِنْ ذلك؛ ممّا كانَ مُدرَكًا عِلمُه مِنْ جِهَةِ اللِّسانِ .. ، كائِناً مَنْ كانَ ذلك المتأوِّلُ والْمُفسِّرُ» (١).

المطلبُ الثّالثُ: مصادرُ أدلَّةِ المعاني في التَّفسيرِ.

لَمّا كانَ الاستدلالُ على المعاني بتلك المكانةِ في علم التَّفسيرِ، كانَت الأدلَّةُ ومناهجُ الاستدلالِ بها محلَّ عنايةِ واهتمامِ المفسِّرين وعامَّةِ العلماءِ، ولمعرفةِ تلك الأدلَّةِ يتعيَّنُ الرُّجوعُ إلى نوعَيْن مِنْ المصادرِ:

النَّوعُ الأوَّلُ: المصادرُ الأصليَّةُ؛ والتي تُعَرِّفُ بكافَّةِ أدلَّةِ المعاني على وجهِ الإجمالِ أو التَّفصيلِ، ومِن جِهةِ التَّنظيرِ أو التَّطبيقِ. وهي: كُتُبُ التَّفسيرِ، وأصولِه، وعلومِ القرآن بعامَّةٍ؛ فلا يكادُ يخلو كتابٌ مِنْ كتبِ (التَّفسيرِ) المتوسِّطَة والموَسَّعةِ مِنْ حديثٍ عن الأدِلَّةِ ومناهجِ الاستدلالِ بها؛ سواءٌ كانَ ذلك الحديثُ في مقدِّماتِ التَّفاسيرِ-وهو الأغلبُ-، أو في أثنائِها. كما اشتملَت كتبُ (أصولِ التَّفسيرِ) على بيانٍ


(١) جامع البيان ١/ ٨٨.

<<  <   >  >>