للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك كانَ فإنَّها كانَت معدودةً غيرَ مَوْزونَةٍ. وليس في العلمِ بمبلغِ وزنِ ذلك فائدةٌ تَقَعُ في دينٍ، ولا في الجهلِ به دخولُ ضُرٍّ فيه، والإيمانُ بظاهرِ التَّنزيلِ فَرضٌ، وما عَدَاهُ فمَوضوعٌ عَنَّا تَكَلُّفُ عِلمِه» (١)، وقولُه أيضاً: «وأَوْلى ذلك بالصَّوابِ أن يُقالَ في ذلك: إنَّ الله تعالى ذكره فَرَضَ للأُمِّ مع الإخوةِ السُّدسَ؛ لِما هو أعلَمُ به مِنْ مصلَحَةِ خلقِه، وقد يجوزُ أن يكونَ ذلك كانَ لِما أُلْزِمَ الآباءُ لأولادِهم، وقد يجوزُ أن يكونَ ذلك لغيرِ ذلك. وليسَ ذلك مِمَّا كُلِّفنا عِلمَه، وإنَّما أُمِرنا بالعَمَلِ بما عَلِمنا» (٢).

القاعدةُ الخامسةُ: عدَمُ الاشتِغالِ بالاستِدلالِ على ما لا فائِدَةَ فيه مِنْ المعاني.

مِنْ منهَجِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) المُطَّردِ في تفسيرِه: الإعراضُ عن كُلِّ معنىً لا فائِدَةَ فيه تُطلَبُ، «وليسَ في العلمِ به أداءُ فَرضٍ، ولا في الجهلِ به تَضييعُ واجِبٍ» (٣)؛ وذلك أنَّ مِنْ عادَةِ النُّفوسِ التَّشَوُّفَ لتفاصيلِ المغَيَّباتِ، ودقائِقَ الحِكَمِ والتَّعليلاتِ، مع استطرادِ عددٍ مِنْ أصحابِ الفنونِ في دقائِقَ مِنْ علومِهم خارِجَةٍ عن حَدِّ التَّفسيرِ، وما يُحتاجُ إليه في بيانِه. وقد نَصَّ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في مواضِعَ مِنْ تفسيرِه (٤) على تركِ كُلِّ ما لا علاقَةَ له بعلمِ التَّفسيرِ؛ كما في قولِه: «إذْ


(١) جامع البيان ١٣/ ٥٩.
(٢) جامع البيان ٦/ ٤٦٨.
(٣) جامع البيان ٢١/ ١٥٣.
(٤) سبقَ بيانُ ذلك (ص: ٣٨).

<<  <   >  >>