للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجوبِ شيءٍ في بعضِ تنزيلِه، ففي دلالَتِهِ على وجوبِه في المَوْضِع الذي دَلَّ عليه الكِفايَةُ عن تكريرِه .. ، فلا حاجةَ بالعبادِ إلى تكريرِ ذلك في كُلِّ آيَةٍ وسورَةٍ» (١)، فكذلك هي الأدلَّةُ.

كما سارَ في تفسيرِه على تركِ استيعابِ الأدِلَّةِ لبعضِ المعاني؛ لظُهورِ صَوابِ القَولِ، أو لاشْتِهارِ فَسَادِه، فيستَغني بما ذُكِرَ مِنْ الأدلَّةِ عن غيرِه لحُصولِ المقصودِ به، ومِن ذلك قولُه: «وذلك هو الكلامُ الذي لا حاجَةَ بالمُتَكَلِّمِ به إلى الاستِشهادِ على صِحَّتِه؛ لفُشُوِّ ذلك على ألسُنِ العَرَب» (٢)، وكذا قولُه: «فأمَّا إذا وَجَّهنا ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧] إلى أنَّها مِنْ نَعتِ ﴿الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة: ٧] فلا حاجَةَ إلى الاستدلالِ؛ إذ كانَ الصَّريحُ مِنْ معناه قد أغنى عن الدَّليلِ» (٣)، وقولُه: «وليسَ هذا قولاً نستجيزُ التَّشاغُلَ بالدَّلالَةِ على فسادِه؛ لخروجِه عن قولِ جميعِ عُلماءِ التَّأويلِ» (٤).

القاعدةُ الحاديَةَ عشرَةَ: ما ثَبَتَ بدليلٍ لا يُخرَجُ عنه إلا بدليلٍ.

هذه القاعِدَةُ أصلٌ جليلٌ عامٌّ في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) ، يتحقَّقُ به وجوبُ الاستمساكِ بما دَلَّ عليه الدَّليلُ مِنْ المعاني، ولا يُخرَجُ عنها إلا بدليلٍ يوجِبُ المَصيرَ إلى غيرِها. وقد قَرَّرَ فيه أنَّ: كُلَّ


(١) جامع البيان ٤/ ٣٠١.
(٢) جامع البيان ٤/ ٤٤٣.
(٣) جامع البيان ١/ ١٨٢.
(٤) جامع البيان ١/ ٤١٨. وينظر: ٣/ ٢١٣.

<<  <   >  >>