للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غيرِ ذلك؟ قيلَ: قد ذكَرْنا ذلك في الخبرِ الذي رَوَيْناه عن ابنِ إسحاقَ، ونزيدُ ذلك تَوْكيداً بما نضُمُّ إليه مِنْ أخبارِ السَّلفِ المُتقَدِّمين، وأقوالِهم» (١)، وذكرَ بعد ذلك من أقوالِهم ما كانَ مِنْ رَأيِهم واجتِهادِهم، وما كانَ مِنْ روايتِهم مِنْ أخبارِ بني إسرائيلَ.

فمِن هذا الوَجهِ يحصُلُ التَّداخلُ بين دَليلَي الإسرائيليّاتِ وأقوالِ السَّلفِ، وقد كانَ لهذا أثرُه المَحمودُ على الاستدلالِ بالإسرائيليّاتِ في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)، على ما سيأتي بيانُه بحولِ الله.

المطلبُ الثّاني: حُجِّيَّةُ الاستدلالِ بالرِّواياتِ الإسرائيليَّةِ على المعاني.

إنَّ الاستدلالَ بأخبارِ بني إسرائيلَ هو مِنْ جِنسِ الاستدلالِ بأخبارِ العربِ وأحوالِهم التي نزلَ فيها القرآنُ، ومِن ثَمَّ فما ذُكِرَ في (قصَصِ الآيِ) في أحوالِ النُّزولِ: مِنْ صِحَّةِ الاستدلالِ بها لتَمامِ بيانِ المعنى، وتعيينِ المُرادِ، وإزالةِ الشُّبَهِ والإشكالاتِ، وجَرَيانِ عملِ السَّلفِ على استِعمالِها في التَّفسيرِ = يُقالُ مِثلُه في الإسرائيليّاتِ، بل أكثرُ؛ وذلك لمزيدِ عنايةِ الشَّريعةِ بهذا النَّوعِ مِنْ الأخبارِ، وقد تجلَّت تلك العنايةُ في صُورٍ:

الأولى: بيانُ الموقِفِ العامِّ مِنْ أقوالِهم وأخبارِهم، وقد جاءَ ذلك نَصَّاً في قولِه تعالى ﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٦]، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠):


(١) جامع البيان ١/ ٤٦١.

<<  <   >  >>