للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجَمعِ، ثُمَّ النَّسخِ، ثُمَّ التَّرجيحِ؛ وذلك لأنَّ في الجَمعِ إعمالُ الدَّليلَيْن مُطلقاً، وبعده النَّسخُ، وفيه إعمالُهما في وَقتٍ دون وَقتٍ؛ فالمَنسوخُ كانَ معمولاً به قبلَ زمنِ نَسخِه، والنّاسخُ بعد ذلك، وهذه مرتبتُه كذلك عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)، وبعدهما التَّرجيحُ؛ وفيه إعمالُ أحدِ الدَّليلَيْن وإهمالُ الآخرِ. (١)

المطلبُ الثّاني: أنواعُ المُرجِّحاتِ التي استعملَها ابنُ جريرٍ عند التَّعارضِ.

المُرجِّحاتُ هي: الأماراتُ التي يتقوّى بها أحدُ الدَّليلَيْن على الآخرِ. وهي كثيرةٌ لا تنحصِرْ؛ لأنَّ ما يحصلُ به تغليبُ ظَنٍّ على ظَنٍّ كثيرٌ جدّاً، والضّابطُ فيها أنَّه:

«متى اقترنَ بأحدِ الطَّرفَيْن أمرٌ نَقليٌّ، أو اصطلاحيٌّ، عامٌّ، أو خاصٌّ، أو قرينةٌ عقليَّةٌ، أو لفظيَّةٌ، أو حاليَّةٌ، وأفادَ ذلك زيادةَ ظَنٍّ = رجحَ به» (٢)، قالَ الشِّنقيطي (ت: ١٣٩٣): «وضابطُ التَّرجيحِ هو: ما تحصلُ به غلبَةُ ظَنِّ رُجحان أحدِ الطَّرفَيْن» (٣).

والأماراتُ التي لجأَ إليها ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه لتقويةِ بعضِ الأدلَّةِ على بعضٍ عند تعارضِها كثيرةٌ ظاهرةٌ، ويُمكنُ تقسيمُ


(١) وهو الرَّاجحُ في هذا البابِ، والقولُ الآخرُ للأحنافِ بتقديمِ النَّسخِ ثُمَّ التَّرجيحِ ثُمَّ الجَمعِ. ينظر: التعارض والترجيح عند الأصوليين (ص: ٦٤ - ٨١).
(٢) مختصر ابن اللَّحّام (ص: ١٧٢). وينظر شرحُها في: شرح الكوكب المنير ٤/ ٧٥١.
(٣) مذكرة أصول الفقه (ص: ٥٣٠).

<<  <   >  >>