للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأُممِ إذا اختلطَت بالهاءِ والألفِ، أو الهاءِ والنونِ. فلذلك قلتُ: أَوْلى بتأويلِ الآيةِ أن تكونَ الأسماءُ التي علَّمَها آدمَ أسماءَ أعيانِ بني آدمَ وأسماءَ الملائكةِ. وإن كانَ ما قالَ ابنُ عباسٍ جائزاً، على مثالِ ما جاءَ في كتابِ الله مِنْ قولِه ﴿وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى﴾ [النور: ٤٥] الآية. وقد ذُكرَ أنَّها في حرفِ عبدِ الله بنِ مسعودٍ: (ثمَّ عرَضَهنَّ) [البقرة: ٣١]، وأنَّها في حرفِ أُبيٍّ: (ثمَّ عرَضَها) [البقرة: ٣١]. ولعلَّ ابنَ عباسٍ تأوَّلَ ما تأوَّلَ مِنْ قولِه: علَّمَه اسمَ كلِّ شيءٍ، حتى الفَسوةَ والفُسيَّةَ. على قراءةِ أُبيٍّ؛ فإنَّه فيما بلغَنا كانَ يقرأُ قراءةَ أُبيٍّ. وتأويلُ ابنِ عباسٍ -على ما حُكيَ عن أُبيٍّ مِنْ قراءتِه- غيرُ مُستنكَرٍ، بل هو صحيحٌ مُستفيضٌ في كلامِ العربِ على نحوِ ما تقدَّمَ وصفي ذلك» (١)، فاستدلَّ على اختياره الأَوْلَى هنا بدلالةِ أنَّه الأشهرُ والأكثرُ في لغةِ العربِ، مع صِحَّةِ المعنى الآخرِ لُغَةً وكثرَتِه.

النوعُ الثّالثُ: الاستدلالُ لنفي المعاني وإبطالِها.

ويأتِي عند الحاجَةِ لإبطالِ القولِ وَرَدِّه، ويُغنِي عنه الاستدلالُ لِصِحَّةِ المعنى في النوعِ الأوَّلِ عند تَضَادِّ المعاني. ومِن أمثِلتِه قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) عند قولِه تعالى ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦]: «وإنَّما وصفَه الله جلَّ ثناؤُه بالاستقامةِ لأنَّه صوابٌ لا خطأَ فيه. وقد زعمَ بعضُ أهلِ الغباءِ أنَّه سمّاه الله مستقيماً لاستقامتِه بأهلِه إلى الجنَّةِ. وذلك تأويلٌ


(١) جامع البيان ١/ ٥١٩. وينظر: ١/ ٩٢، ٦٠٢، ٢/ ١٣٣، ٣/ ٦٧٦، ٧٦٢، ٤/ ٢٤٥، ١٧/ ٢٣٧.

<<  <   >  >>