للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) يختمُ الأدلّةَ بذكرِ دليلِ أقوالِ السَّلفِ في الأعمِّ الأغلبِ، ويُمهِّدُ لذلك بقولِه: «وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التَّأويلِ» (١)، فهو عندَه كالمُهَيمنِ عليها، والضّابطِ لها؛ ولهذا معنىً يأتي ذكرُه في المسائلِ والضّوابطِ بحولِ الله.

المطلبُ الثّاني: حُجِّيَّةُ الاستدلالِ بأقوالِ السَّلفِ على المعاني.

إذا أجمعَ السَّلفُ على قولٍ فهو الحَقُّ، واتِّباعُهم فيه واجبٌ تحرُمُ مُخالفَتُه، وقد سبقَ تقريرُ ذلك في دليلِ الإجماعِ. أمَّا ما دونَ ذلك مِنْ أقوالِ السَّلفِ؛ ممّا قالَه بعضُهم وانتشرَ عنه أو لم ينتشِرْ، فالصَّحيحُ أنَّه حُجَّةٌ في دينِ الله بشرطَيْن:

الأوَّلُ: ألّا يُخالِفَ نصّاً ثابتاً مِنْ كتابٍ أو سُنَّةٍ.

الثّاني: ألّا يُخالِفَه أحدٌ مِنْ الصَّحابةِ، فإن خالفَه صحابيٌّ فالأَوْلى مِنهما ما شهدَ له دَليلُ الوَحي.

وما كانَ كذلك فيصحُّ الاحتجاجُ به، وتحرُمُ مُخالفتُه، ولا يجوزُ الإحداثُ بعدَه. (٢)


(١) جامع البيان ٢/ ٥١٧. وينظر: ١/ ٦٢٤، ٢/ ٢٠، ٨٨، ٤/ ٥٦٢، ٥/ ٣١، ١١/ ٥٣، ١٣/ ١٨، ١٩/ ٤٥٥.
(٢) ينظر: مجموع الفتاوى ٢٠/ ١٤، وإجمالُ الإصابة في أقوال الصَّحابة (ص: ٥٦)، وإعلامُ الموقعين ٦/ ٣٦، والموافقات ٤/ ١٢٨، ٤٤٦، وقطف الأزهار (ص: ٩١).
وقد نبَّه ابنُ قدامة (ت: ٦٢٠) إلى أنَّ المُرادَ بالمُخالفةِ هنا: «نفيُ ما أثبتوه، أو إثباتُ ما نفَوه»؛ وليسَ زيادةُ البيانِ، والتَّمثيلِ، وما لا يُبطِلُ أقوالَهم. ينظر: نزهة الخاطر العاطر ١/ ٣١١.

<<  <   >  >>