وقد تظاهرت الأدلَّةُ النَّقليَّةُ والعقليَّةُ على تقريرِ ذلك، وفيما يأتي بيانُها:
أوَّلاً: قولُه تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠]، فالآيةُ صريحةٌ في الثَّناءِ على مَنْ اتَّبعَ السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصارِ؛ وهم أئِمَّةُ السَّلفِ وقادَتُهم ﵃، والاتِّباعُ يتضمَّنُ صحَّةَ ما هُمْ عليه من الدِّينِ؛ ومن ذلك سلامةُ فهمِهم لكتابِ الله تعالى، والثَّناءُ على مَنْ اتَّبَعهم في ذلك، وقد احتجَّ الإمامُ مالك (ت: ١٧٩) بهذه الآيةِ على وجوبِ اتِّباعِ الصَّحابةِ ﵃. (١)
ثانياً: قولُه تعالى ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ [البقرة: ١٣٧]، فعلَّقَ الله تعالى الهدايةَ بالإيمانِ بمثلِ ما آمنَ به النَّبي ﷺ وأصحابُه ﵃، فالإيمانُ التَّامُّ إيمانُهم، ولا شكَّ أنَّ ذلك نتيجةُ فهمِهم السَّليمُ لكتابِ الله تعالى، فمن أخذَ بما كانوا عليه في ذلك فقد أخذَ بالهُدى والحَقِّ، وسَلِمَ مِنْ الشِّقاقِ.