للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تظاهرت الأدلَّةُ النَّقليَّةُ والعقليَّةُ على تقريرِ ذلك، وفيما يأتي بيانُها:

أوَّلاً: قولُه تعالى ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [التوبة: ١٠٠]، فالآيةُ صريحةٌ في الثَّناءِ على مَنْ اتَّبعَ السَّابقين الأوَّلين من المهاجرين والأنصارِ؛ وهم أئِمَّةُ السَّلفِ وقادَتُهم ، والاتِّباعُ يتضمَّنُ صحَّةَ ما هُمْ عليه من الدِّينِ؛ ومن ذلك سلامةُ فهمِهم لكتابِ الله تعالى، والثَّناءُ على مَنْ اتَّبَعهم في ذلك، وقد احتجَّ الإمامُ مالك (ت: ١٧٩) بهذه الآيةِ على وجوبِ اتِّباعِ الصَّحابةِ . (١)

ثانياً: قولُه تعالى ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ﴾ [البقرة: ١٣٧]، فعلَّقَ الله تعالى الهدايةَ بالإيمانِ بمثلِ ما آمنَ به النَّبي وأصحابُه ، فالإيمانُ التَّامُّ إيمانُهم، ولا شكَّ أنَّ ذلك نتيجةُ فهمِهم السَّليمُ لكتابِ الله تعالى، فمن أخذَ بما كانوا عليه في ذلك فقد أخذَ بالهُدى والحَقِّ، وسَلِمَ مِنْ الشِّقاقِ.

ثالثاً: قولُه تعالى ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ


(١) ينظر: إعلامُ الموقعين ٥/ ٥٥٦. وقد اعتنى ابنُ القيم (ت: ٧٥١) ببيانِ وجوبِ اعتمادِ الأقوالِ السّلفيَّةِ في كتابِه هذا، ففصَّلَ دلالةَ هذه الآيةِ في (١٠) صفحاتٍ ٥/ ٥٥٦ - ٥٦٦، وذكرَ بعدها (٤٦) وجهاً مُستدلاً بها على هذا المعنى ٥/ ٥٥٦، وكذلك فعل الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠) في الموافقات ٤/ ٤٤٦، وينظر: فهمُ السّلفِ الصّالح للنصوصِ الشّرعيّة، ومنهجُ الاستدلالِ على مسائلِ الاعتقادِ عند أهلِ السنّةِ ٢/ ٥٠١.

<<  <   >  >>