للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جِهَةِ الاستخراجِ، ولا اللغةِ، ولا يُدرَكُ علمُ ذلك إلا بخَبَرٍ يوجِبُ عنهُ العِلمَ، ولا خَبَرَ عندَ أهلِ الإسلامِ في ذلك للصِّفَةِ التي وصَفنا. وإذ كانَ ذلك كذلك؛ فغيرُ جائِزٍ فيه تصويبُ قولٍ، وتضعيفُ آخرَ غيرِه، إذ كانَ جائِزاً فيه ما قُلنا مِنْ القَول» (١)، وقالَ بعد ذِكرِ بعضِ اختيارِه: «ونظائِرُ ذلك في القرآنِ، وأشعارِ العربِ، وكلامِها أكثَرُ مِنْ أن يُحصى؛ فلِما ذكرنا مِنْ ذلك اختَرْنا ما اخترْنا مِنْ القولِ» (٢). وجميعُ أبوابِ أدلَّةِ المعاني التَّفصيليَّةِ فيما يأتي -بإذن الله- تصلُحُ شواهِدَ على ذلك.

القاعدةُ الثّامنةُ: الأحقُّ بإصابةِ الصَّوابِ في التَّفسير الأصَحُّ برهاناً، والأوضَحُ حُجَّة.

بعد أن أوضَحَت القواعِدُ السَّابِقَةُ وجوبَ الاستدلالِ على كلِّ معنىً يُذكَرُ في القرآنِ الكريمِ = تأتي هذه القاعِدَةُ لبيانِ أولى هذه الأدلَّةِ بالصَّوابِ دون غيرِه مِنْ الأقوالِ التي يشهَدُ لكُلٍّ مِنها دليلٌ مُعتَبَرٌ، فهي أصلٌ في تعليلِ الاختيارِ، والاستدلالِ له، وفيها بيانُ أنَّ وضوحَ الدَّليلِ، وصِحَّةَ البرهانِ مِنْ أهَمِّ وجوهِ ترجيحِ القولِ واختيارِه، وقد أشارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) إلى هذه القاعِدَةَ عندَ قوله تعالى ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ﴾ [البقرة: ٣٠]، فقالَ: «قد قالَت العُلماءُ مِنْ أهلِ التَّأويلِ في ذلك أقوالاً، ونحنُ ذاكرو أقوالِهم في ذلك، ثُمَّ مُخبرونَ بأصَحِّها بُرهاناً، وأَوضَحِها حُجَّةً» (٣)، ثمَّ أورَدَ الأقوالَ بأدِلَّتِها، ورَدَّ ما


(١) جامع البيان ٤/ ٤٧٧.
(٢) جامع البيان ١/ ٥٠١. وينظر: ٢/ ٢٥٠، ١٧/ ٣٧٧، ٢٣/ ٢٥٥، ٢٤/ ٦٢٦.
(٣) جامع البيان ١/ ٤٨٢.

<<  <   >  >>