للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانَ كذلك لم يكُن للحَدِّ معنىً معقولٌ. وإذْ كانَ ذلك كذلك، فلاشَكَّ أنَّ الذي هو دونَ الحَوْلَين مِنْ الأجَلِ لَمّا كانَ وقتَ رَضاعٍ كانَ ما وراءَه غيرَ وقتٍ له؛ وأنَّه وقتٌ لتركِ الرَّضاعِ، وأنَّ تمامَ الرَّضاعِ لَمَّا كانَ تمامَ الحَوْلَيْن؛ وكانَ التَّمامُ مِنْ الأشياءِ لا معنى للزيادَةِ فيه = كانَ لا معنى للزيادَةِ في الرّضاعِ على الحَوْلَيْن» (١).

القاعدةُ العاشرةُ: الدَّليلُ الواحِدُ كافٍ في الدَّلالَةِ، وبَعضُ الأدِلَّةِ يُغني عن بَعضٍ.

إذا وَرَدَ الدَّليلُ -على الوجهِ السَّابِقِ بيانُه- كانَ كافياً في الاستدلالِ به بمُفرَدِه، فإذا انضافَ إليه غيرُه مِنْ أنواعِ الأدلَّةِ قوِيَت دلالَتُه، وتقَدَّمَ على غيرِه. وعلى هذا المَنهَجِ سارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه؛ فبَيَّنَ أنَّ بعضَ الأدلَّةِ يُغنى عن بعضٍ؛ كما في قولِه: «وهذا قولٌ لا نعلمُ قائِلاً قالَه مِنْ أهلِ التَّأويلِ، وكفى خطأً بقولِه خروجُه عن أقوالِ أهلِ العِلمِ، لو لم يكن على خطئِهِ دلالَةٌ سواهُ، فكيف وظاهِرُ التَّنزيلِ يُنبِئُ عن فسادِه!» (٢)، وقولِه: «وهذا خبرٌ وإن كانَ في إسنادِه ما فيه، فإنَّ في إجماعِ الحُجَّةِ على صِحَّةِ القَوْلِ به مُستَغْنىً عن الاستِشهادِ على صِحَّتِه بغيرِه» (٣)، وقولِه: «ثُمَّ في دلالَةِ الآيَةِ كفايَةٌ مُغنيَةٌ عن استِشْهادِ شاهِدٍ على صِحَّةِ ذلك بغيرها» (٤)، وقَرَّرَ: «أنَّ اللهَ تعالى ذِكرُه إذا دَلَّ على


(١) جامع البيان ٤/ ٢٠٧. وينظر: ١/ ٥٣٤، ٥٦٨، ٩/ ٣٤١، ١٠/ ٧٠، ١٥/ ٥١.
(٢) جامع البيان ٨/ ٧٢١.
(٣) جامع البيان ٦/ ٥٥٨.
(٤) جامع البيان ٣/ ٢١٣. وينظر: ٨/ ٤١٨، ٤٩٩، ١٠/ ٦٠، ٢٣/ ٢٥٥.

<<  <   >  >>