للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له حِفظُهُم = كانَت الجَماعَةُ الأثباتُ أحَقَّ بصِحَّةِ ما نقلوا مِنْ الفَردِ الذي ليس له حِفظُهُم» (١)، ومثلُه أيضاً قولُه: «وكلُّ هذه الأقوالِ التي ذكرناها عمَّن ذكرنا = توجيهٌ مِنهم للكلامِ إلى غير وجهِه المعروفِ، وغيرُ جائِزٍ توجيهُ معاني كلامِ الله جلَّ وعزَّ إلى غيرِ الأغلَبِ عليه مِنْ وجوهِه عند المُخاطَبين به، ففي ذلك مع خلافِهم تأويلَ أهلِ العِلمِ فيه = شاهِدا عَدلٍ على خطأِ ما ذهبوا إليه فيه» (٢).

كما اعتَبَرَ المُعارِضَ الرَّاجِحَ؛ مِنْ أيِّ قِسْمٍ كانَ مِنْ أُصولِ الأدِلَّةِ؛ نقليّاً كانَ أو عَقليّاً، ومِنه قولُه عند قولِه تعالى ﴿يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا﴾ [الأنعام: ٢٧]: «وكأنَّ معنيَّ صاحِبِ هذه المقالَةِ في قولِه هذا: ولو ترى إذ وُقِفوا على النَّارِ فقالوا: قد وُقِفْنا عليها مُكَذِّبين بآياتِ رَبِّنا كُفَّاراً، فيا ليتنا نُرَدُّ إليها فنُوقَفَ عليها غيرَ مُكَذِّبين بآياتِ رَبِّنا، ولا كُفَّاراً. وهذا تأويلٌ يدفعُه ظاهِرُ التَّنزيلِ؛ وذلك قولُه تعالى ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨]، فأخبَرَ اللهُ تعالى ذِكرُه أنَّهم في قِيلِهم ذلك كَذَبَةٌ، والتَّكذيبُ لا يقعُ في التَّمَنِّي، ولكنَّ صاحِبَ هذه المَقالَةِ أظُنُّ به أنَّه لم يتدبَّرِ التأويلَ، ولَزِمَ سَنَنَ العربيَّةِ» (٣)، وكذا قولُه عند قوله تعالى ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]: «فأمَّا قولُنا: إنَّه دلالَةٌ على الغايةِ التي يُنتَهى إليها في الرّضاعِ عند اختلافِ الوالِدَيْن فيه؛ فلأنَّ اللهَ تعالى ذِكرُه لمَّا حَدَّ في ذلك حدَّاً كانَ غيرَ جائِزٍ أن يكونَ ما وراءَ حَدِّه موافِقاً في الحُكمِ ما دونَه؛ لأنَّ ذلك لو


(١) المرجعُ السابقُ.
(٢) جامع البيان ١٦/ ٤١.
(٣) جامع البيان ٩/ ٢١٠.

<<  <   >  >>