للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عداهُ فموقوفٌ أو مردودٌ (١)، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «والصَّوابُ التَّسليمُ لِمَا دَلَّ عليه ظاهِرُ التَّنزيلِ، والتَّوقُّفُ فيما لم يكنْ على صِحَّتِه دليلٌ» (٢).

وأكثَرُ ما يكونُ التَّوقُّفُ في الأقوالِ التي لم يَشهَد لها دليلُ القَبولِ، مع احتمالِها مِنْ جِهَةِ النَّظَر؛ كتحديدِ كيفيَّة بعضِ المُغَيَّبَاتِ، وتعيينِ المُبهماتِ، وبيانِ حِكَمِ بعضِ المعاني، ومِن ذلك قولُه عند قولِه تعالى ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهُمَزة: ٩]: «وأَوْلَى الأقوالِ بالصَّوابِ في ذلك قولُ مَنْ قالَ: معناه: أنَّهُم يُعَذَّبون بعُمُدٍ في النَّارِ، واللهُ أعلمُ كيف تعذيبُه إيَّاهُم بها، ولم يأتِنا خَبَرٌ تقومُ به الحُجَّةُ بصفةِ تعذيبِهم بها، ولا وُضِعَ لنا عليها دليلٌ، فنُدرِكَ به صفةَ ذلك، فلا قولَ فيه غيرَ الذي قُلنا يَصِحُّ عندنا» (٣)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ [يوسف: ٢٠]: «والصَّوابُ مِنْ القولِ في ذلك أن يُقَال: إنَّ اللهَ تعالى ذكرُه أَخبرَ أنَّهُم باعوه بدراهِمَ مَعدودَةٍ غيرَ مَوْزونَةٍ. ولم يَحُدَّ مَبلغَ ذلك بِوَزنٍ ولا عَدَدٍ، ولا وضعَ عليه دلالةً في كتابٍ، ولا خبرٍ مِنْ الرسولِ . وقد يَحتملُ أن يكونَ كانَ عشرين، ويَحتملُ أن يكونَ كانَ اثنَيْن وعشرين، وأن يكونَ كانَ أربعين، وأقلَّ مِنْ ذلك وأكثرَ، وأيُّ


(١) قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «الحُجَجُ الأثريَّةُ والنَّظريَّةُ تنقسِمُ إلى ما يُعلَمُ صِحَّتُه، وإلى ما يُعلَمُ فسادُه، وإلى ما هو موقوفٌ حتى يقومَ الدَّليلُ على أحدِهِما». مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٨.
(٢) جامع البيان ١٧/ ٣٧٧. وينظر: عبارةُ ابن تيمية في مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣٠.
(٣) جامع البيان ٢٤/ ٦٢٦.

<<  <   >  >>