للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أوَّلاً: الظّاهرُ والباطنُ:

الظاهرُ هو: المُتبادَرُ مِنْ معنى اللفظِ الذي ثَبَتَ بطريقٍ مِنْ طُرُقِ التَّفسيرِ المُعتَبَرَة، ولم يَصرِفهُ عنه صارِفٌ. ورُبَّما عَبَّرَ عنه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بالنَّصِّ، وحقيقةِ اللفظِ (١).

والباطنُ هو: المعنى غيرُ المُتبادَرِ مِنْ اللفظِ، والذي صرفَهُ عن المعنى الظاهِرِ مِنه صارِفٌ (٢). ومِن ثَمَّ يُسَمِّي ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) العامَّ، والمُطلَقَ، والأغلبَ مِنْ استعمالِ النَّاسِ، والمعروفَ مِنْ كلامِ العَرَبِ، وسياقَ الكلامِ = ظاهِراً؛ لأنَّها المُتبادَرُ مِنْ معنى اللفظِ، فإذا صَرَفَها عنه صارِفٌ صارَتْ مِنْ الباطنِ؛ كالخاصِّ والمُقَيَّدِ، ونحوهِما (٣)، ومِن خلالِ سياقِ هذه اللفظةِ للاستدلالِ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) يتبيَّنُ أنَّ (الظّاهرَ) حالةٌ تنطبقُ على كافَّةِ الأدلَّةِ، وهو مُستوىً مِنْ الدَّلالةِ إذا وصلَ إليه الدَّليلُ سمّاه: ظاهراً. فمرَّةً يكونُ السّياقَ، ومرَّةً السُّنَّةَ، وأخرى النَّظائرَ .. ، وهكذا.

وأصلُ هذا البابِ عند ابن جريرٍ (ت: ٣١٠): أنْ يُحمَلَ الكلامُ على ظاهِرِه، ولا يُصرَفْ عنه إلى باطنِهِ إلا بدليلٍ (٤). وقد وقفتُ له في معنى


(١) جامع البيان ٨/ ٦٧٩، ٩/ ٥٦٣، ٨/ ١٥٢، ٣/ ٣٩. وينظر: مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٨٨.
(٢) ينظر: قانون التَّأويل (ص: ١٩١)، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٢٣٥، ومذكرة أصول الفقه (ص: ٢٧٥).
(٣) جامع البيان ٢/ ١٠١، ١٣٨، ٣/ ٤٠٦، ٤/ ٣٠١، ٥/ ٣١٢، ٣١٩، ٧/ ٣٤، ٨/ ١٥، ٩/ ٢١٠.
(٤) قالَ الشَّافعيُّ (ت: ٢٠٤): «والقرآنُ على ظاهِرِه، حتى تأتيَ دلالَةٌ منه أو سُنَّةٌ أو إجماعٌ بأنَّهُ على باطِنٍ دونَ ظاهِرٍ». الرِّسالة (ص: ٥٨٠). وينظر منه: (ص: ٣٢٢، ٣٤١)، والفقيه والمتفقه ١/ ٥٣٧.

<<  <   >  >>