للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكنَّ التاءَ أُدغِمَت في الشّينِ، فصارَت شيناً مُشَدَّدةً. وقولُه ﴿فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ﴾ [البقرة: ٧٤]، يقولُ: فيخرُجُ مِنه الماءُ فيكونُ عيناً نابِعَةً، وأنهاراً جاريَةً» (١)، ولم يستَشْهِد على شيءٍ مِنْ ذلك لوضوحِه وبيانِه.

تاسعاً: يذكرُ دليلَ المعنى مُباشرةً ويستغني به عن بيانِ المعنى؛ وذلك لوضوحِ المعنى في الدَّليلِ، ولا معنى للآيةِ غيرُه، فيستَغني بذِكرِ الدَّليلِ عن تفصيلِ المعنى، وذلك قليلٌ، ومِنه قولُه عندَ قولِه تعالى ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا﴾ [الأعراف: ٢٨]: «ذُكِرَ أنَّ معنى الفاحِشَةِ في هذا المَوضِعِ ما حَدَّثَني به .. » (٢)، ثُمَّ أسنَدَ عن مجاهدٍ (ت: ١٠٤)، وسعيدِ بن جبيرٍ (ت: ٩٥)، والشَّعبيّ (ت: ١٠٣)، والسُّديّ (ت: ١٢٨)، وابنِ عباس = قولَهُم: هو طوافُهُم بالبَيتِ عُراةً في الجاهليَّةِ (٣). ولم يَزِد على ذلك.

عاشراً: عند الاستدلالِ للقولِ المُختارِ يعمَدُ إلى أوضَحِ الأدلَّةِ، وأكثرِها موافقةً للمقصودِ، وذلك مِنْ منهجِه الذي أشارَ إليه في مُقَدِّمَةِ تفسيرِه، فقالَ: «لا شَكَّ أنَّ أعلى منازلِ البيانِ درَجَةً، وأَسْنى مراتِبِه مرتبَةً، أبلَغُه في حاجَةِ المُبينِ عن نفسِه، وأبيَنُه عن مُرادِ قائِلِه، وأقرَبُه مِنْ فَهمِ سامِعيه» (٤)، وقالَ أيضاً: «أولى العِباراتِ أن يُعَبَّرَ بها عن


(١) جامع البيان ٢/ ١٣٤. ومن هذا البابِ قولُ الشافعيّ (ت: ٢٠٤): «وما قالَ مُجاهدٌ من هذا بَيِّنٌ في الآيةِ، مُستغنىً فيه بالتَّنزيلِ عن التَّفسيرِ». الرسالة (ص: ١٤).
(٢) جامع البيان ١٠/ ١٣٧.
(٣) جامع البيان ١٠/ ١٣٧ - ١٣٨. وينظر: ١/ ٥٣.
(٤) جامع البيان ١/ ٩.

<<  <   >  >>