للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُطلقاً، ورُبَّما قدَّمها على مذاهبِ بعضِ أهلِ اللغةِ مِنْ البصريِّين والكوفيِّين، بلْ هي أقوى في عربيَّتِها مِنْ مُجرَّدِ أقوالِ السَّلفِ في زمنِ الاحتجاجِ، فضلاً عن نَقَلَةِ اللغةِ مِنْ أهلِ العربيَّةِ؛ لأنَّ مِنها ما قرأَ به النبيُّ زمناً، وما قرأَ به أصحابُه الكرامُ حتى أجمعوا على مُصحفِ عثمانَ ، قراءةً ورسماً.

فعربيَّتُها ثابِتةٌ قطعاً، مُقدَّمةٌ إجمالاً، وهي جهةٌ مُنفكَّةٌ عن القراءةِ بها، كما هو الحالُ في الاحتجاجِ بها على المعاني. قالَ الفرَّاءُ (١) (ت: ٢٠٧): «والكتابُ أعرَبُ وأقوى في الحُجَّةِ مِنْ الشِّعرِ» (٢)، وقالَ السيوطيّ (ت: ٩١١): «أمَّا القرآنُ فكلُّ ما وردَ أنَّه قُرِئَ به جازَ الاحتجاجُ به في العربيَّةِ؛ سواءٌ كانَ متواتراً، أم آحاداً، أم شاذّاً. وقد أطبقَ النَّاسُ على الاحتجاجِ بالقراءاتِ الشَّاذَّةِ في العربيَّةِ، إذا لم تُخالِف قياساً معروفاً، بل ولو خالَفَتْه يُحتجُّ بها في مثلِ ذلك الحرفِ بعينِه وإنْ لم يجُز القياسُ عليه .. ، وما ذكرتُه مِنْ الاحتجاجِ بالقراءةِ الشَّاذَّةِ لا أعلمُ فيه خلافاً بين النُّحاة» (٣)، وقالَ البغداديُّ (٤) (ت: ١٠٩٣): «فكلامُه عزَّ اسمُه أفصحُ كلامٍ وأبلَغُه، ويجوزُ


(١) يحيى بن زياد بن عبد الله الأسديّ مولاهم الكوفيّ، أبو زيادٍ الفرّاء، إمامُ نُحاةِ الكوفةِ في زمانِه، صنَّف: معاني القرآن، وغيرَه، وتوفي سنة (٢٠٧). ينظر: معجم الأدباء ٦/ ٢٨١٢، وبغية الوعاة ٢/ ٣٣٣.
(٢) معاني القرآن ١/ ١٤.
(٣) فيض نشر الانشراح ١/ ٤١٦. وينظر: خزانةُ الأدب ١/ ٩.
(٤) عبد القادر بن عمر بن بايزيد البغداديّ، لُغويٌّ أديبٌ مُحقِّقٌ، صنَّف: خزانةَ الأدب، وشرحَ أبيات مُغني اللَّبيب، وغيرها، مات سنة (١٠٩٣). ينظر: خلاصة الأثر ٢/ ٤٥١، والأعلام ٤/ ٤١.

<<  <   >  >>