للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاصَّةً، وقالَ: «فحثَّ على المُحافظةِ عليها حثّاً لم يحُثَّ مثلَه على غيرِها مِنْ الصلواتِ، وإن كانَتْ المُحافظةُ على جميعِها واجبةً؛ فكانَ بيِّناً بذلك أنَّ التي خصَّ اللهُ بالحثِّ على المُحافظةِ عليها بعدما عمَّ الأمرَ بها جميعَ المكتوباتِ = هي التي اتَّبَعَهُ فيها نبيُّهُ ، فخصَّها مِنْ الحَضِّ عليها بما لم يخصُصْ به غيرَها مِنْ الصَّلواتِ» (١)، فتبيَّنَ بما سبقَ تفريقُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) بين الدَّليلَيْن، وابتداءُه بدليلِ السُّنَّةِ الصَّريحِ، ثُمَّ إتباعُه بدليلِ نظيرِ معنى الآيةِ ممَّا جاءَتْ به السُّنَّةُ.

فهذه الأدلَّةُ وإن تشابهَتْ في ظاهِرِها، وتداخلَتْ في بعضِ فروعِها إلَّا أنَّ لكلِّ دليلٍ مِنها منهجُه في التّلقِّي والثُّبوتِ، وضوابطُه في الاستدلالِ، ومنزِلَتُه مِنْ الأدلَّةِ، وترتيبُه مِنها، فمِن ثَمَّ لَزِمَ تمييزُ كلِّ دليلٍ مِنها عن الآخرِ بحثاً ودراسةً.

وللسُّنَّةِ النَّبويَّةِ عدَّةُ تقسيماتٍ باعتباراتٍ مُختلفةٍ (٢)؛ يتقدَّمُها في بابِ الاستدلالِ اعتبارانِ، هُما:

الأوَّلُ: تقسيمُها باعتبارِ الثُّبوتِ إلى: مقبولٍ ومردودٍ، والمقبولُ: الصَّحيحُ والحسنُ. والمردودُ: الضَّعيفُ بمراتِبه.

الثَّاني: تقسيمُها باعتبارِ النَّقلِ إلى: مُتواترٍ وآحادٍ.

وقد أشارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) إلى هذين الاعتبارين في كثيرٍ مِنْ المواطِنِ، كما في قولِه: «فأحقُّ المُفَسِّرين بإصابَةِ الحَقِّ في تأويلِ


(١) جامع البيان ٤/ ٣٧٤.
(٢) ينظر: الرسالة (ص: ٢١، ٩١)، وإعلام الموقعين ٤/ ٨٤، ومختصر ابن اللحام (ص: ٧٤).

<<  <   >  >>