للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانَ ظاهِرُه مُحتمِلاً خُصوصاً وعُموماً، لم يكُنْ لنا السَّبيلُ إلى العلمِ بما عنى الله تعالى ذِكرُه مِنْ خُصوصِه وعُمومِه، إلا ببيانِ من جُعِلَ إليه بيانُ القرآنِ؛ وهو رسولُ الله ) (١)، وقالَ في مبحثِ: (القولُ في الوجوهِ التي مِنْ قِبَلِها يُوصَلُ إلى معرِفةِ تأويلِ القرآنِ): «فقد تبيَّنَ ببيانِ الله جلَّ ذكرُه أنَّ ممَّا أنزلَ اللهُ مِنْ القرآنِ على نبيِّه ما لا يوصَلُ إلى عِلمِ تأويلِه إلا ببيانِ الرسولِ ؛ وذلك تأويلُ جميعِ ما فيهِ مِنْ وجوهِ أمرِه؛ واجِبِه ونَدْبِه وإرشادِه، وصنوفِ نَهْيِه، ووظائِفِ حقوقِه، وحدودِه، ومبالِغِ فرائِضِه، ومقاديرِ اللازِمِ بعضَ خلقِه لبعضٍ، وما أشبَه ذلك مِنْ أحكامِ آيِه التي لم يُدرَك علمُها إلا ببيانِ رسولِ الله لأمَّتِه، وهذا وجهٌ لا يجوزُ لأحدٍ القولُ فيه إلا ببيانِ رسولِ الله له تأويلَه» (٢).

ومِن هذا البابِ قولُ غيرِ واحدٍ مِنْ السَّلفِ: «القرآنُ أحوجُ إلى السُّنَّةِ مِنْ السُّنَّةِ إلى القرآنِ» (٣)، وقَولُ بعضِهم: «السُّنَّةُ قاضيةٌ على الكتابِ» (٤)، ورَأَى الإمامُ أحمدُ (ت: ٢٤١) تحسينَ تلك العبارةِ، فقالَ -وقد سُئِلَ عنها-: «ما أَجسرُ على هذا أن أقولَه، ولكنّي أقولُ: إنَّ السُّنَّةَ تُفسِّرُ القرآنَ وتُبيِّنُه» (٥).

٧ - أنَّ الوحيَ يُصَدِّقُ بعضُه بعضاً، والسُّنَّةُ وحيٌ كالقرآنِ، قالَ


(١) جامع البيان ١/ ٢١.
(٢) جامع البيان ١/ ٦٨.
(٣) الفقيه والمتفقه ١/ ٢٣٠، والكفاية (ص: ٣٠)، وجامع بيان العلم ٢/ ١١٩٣، والموفقات ٤/ ٣٤٤.
(٤) المرجع السابق.
(٥) مسائل الإمام أحمد، رواية ابنِه عبد الله (ص: ٤٣٨)، والفقيه والمتفقه ١/ ٢٣٠،

<<  <   >  >>