للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسَ عشر: مِنْ منهجِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في الاستدلالِ بالحديثِ الضَّعيفِ على المعاني: الاستشهادُ بما اشتدَّ ضَعفُه في غيرِ تأسيسِ المعنى. ومِن ذلك قولُه عندَ قولِه تعالى ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾ [يوسف: ٤]: «وذُكرَ أنَّ الأحدَ العَشرَ الكوكبَ التي رآها في منامِه ساجِدَةً مع الشَّمسِ والقَمرِ، ما حدَّثني .. » (١)، ثُمَّ ساقَ حديثاً فيه أسماءُ هذه الكواكبِ، وإسنادُه ضعيفٌ جِدّاً (٢)، لكنّه لم يَعتمِده في تأسيسِ معنىً، أو نَفْيِه، بل ذكرَه بعدَ بيانِ ظاهِرِ المعنى، وأنَّ الرُّؤْيا كانَت في المنامِ، وأنَّ رُؤْيا الأنبياءِ وحيٌ، ثُمَّ ختمَ الكلامَ عن الآيةِ بهذا المعنى، وله في التَّفسيرِ محلٌّ يأتي بيانُه بإذن الله. ومثلُ ذلك صنيعُه في بيانِ معنى إفسادِ بني إسرائيلَ المذكورِ في قولِه تعالى ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: ٤]، حيثُ ذكرَ قولَ ابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ مِنْ طريقِ السُّدّي (ت: ١٢٨) -، وابنِ زيد (ت: ١٨٢)، في معنى الإفسادِ الأوَّلِ، وهو: قَتلُهم زكريّا نبيَّ الله، مع ما سلفَ مِنهم قبلَ ذلك وبعدَه. ثُمَّ ذكرَ القولَ الآخرَ في معنى ذلك الإفسادِ، عن محمدِ بن إسحاق (ت: ١٥٢)، وهو: قتلَهُم شِعيا بن أمصيا (٣) نبيَّ الله. واستدلَّ


(١) جامع البيان ١٣/ ١٠.
(٢) أخرجه البزّار كما في كشف الأستار ٣/ ٥٣ (٢٢٢٠)، والعقيلي في الضعفاء ١/ ٢٥٩، وابنُ حبان في المجروحين ١/ ٢٥٠. من طريقِ الحَكمِ بن ظُهيرٍ الفزاري. قال العقيلي (ت: ٣٢٢) عن الحديثِ: «لا يصِحّ»، وقال ابن حبّان (ت: ٣٥٤): «لا أصلَ له من حديثِ رسولِ الله )، وقال ابنُ كثير (ت: ٧٧٤) في تفسيره ٨/ ١٤: «تفرّد به الحكمُ بن ظُهيرٍ الفزاري، وقد ضعّفَه الأئِمّةُ، وتركه الأكثرون».
(٣) مذكورٌ في أنبياءِ بني إسرائيل، قبل زكريّا ويحيى، وهو ممَّن بشَّرَ بعيسى ومحمدٍ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ. ينظر: تاريخ الأمم والملوك ١/ ٥٣٢، والبداية والنهاية ٢/ ٢٦، وقاموس الكتاب المقدس ١/ ١٠٩.

<<  <   >  >>