للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بنحوِ الذي قُلنا في ذلك خبرٌ» (١)، ثُمَّ أسندَ حديثَ أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ الله : «ليس المسكينُ بالذي تردُّه اللقمةُ واللقمتان، والتَّمرةُ والتَّمرتان، إنَّما المسكينُ المُتعفِّفُ، اقرءوا إن شِئتُمْ: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]» (٢)، ووجَّه معناه بعد ذلك بقولِه: «ومعنى قولِه : «إنَّما المسكينُ المُتعفِّف»؛ على نحوِ ما قد جرى به استعمالُ النَّاسِ مِنْ تَسميَتِهِم أهلَ الفقرِ: مساكينَ. لا على تفصيلِ المِسكينِ مِنْ الفقير. وممّا يُنبئُ أنَّ ذلك كذلك، انتِزاعُه بقولِ الله: «اقرءوا إن شِئتُمْ: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]»، وذلك في صِفةِ مَنْ ابتدأَ الله ذِكرَه ووَصَفَه بالفقرِ؛ فقالَ: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]» (٣)، وكذلك قولُه: «وأمّا الخبرُ الذي رُوِيَ عن النَّبي (٤)، -فإنَّه إن كانَ صحيحاً- فإنَّما معناه أنَّه وُضِعَ عن الحامِلِ والمُرضِعِ الصومُ ما دامتا عاجزَتَيْن عنه حتى تُطيقا فتقضيا، كما وُضِعَ عن المسافرِ في سفرِه حتى يُقيمَ فيَقضيَه، لا أنَّهما أُمرَتا بالفديةِ والإفطارِ بغيرِ وجوبِ قضاءٍ» (٥).


(١) جامع البيان ١١/ ٥١٥.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحِه ٦/ ٣٢ (٤٥٣٩)، ومسلم في صحيحِه ٣/ ١٠٦ (١٠٣٩).
(٣) جامع البيان ١١/ ٥١٥.
(٤) يعني حديثَ أنس بن مالك الكعبي مرفوعاً: «إنَّ الله وضعَ عن المسافرِ والحاملِ والمُرضعِ الصومَ». ينظر: المعرفة والتاريخ ٢/ ٤٦٧، وسنن النسائي ٢/ ٤٨٩ (٢٢٦٦)، وعلل ابن أبي حاتم ٣/ ١٧٥ (٧٨٤).
(٥) جامع البيان ٣/ ١٧٩.

<<  <   >  >>