للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسَ عشرَ: لا يجوزُ القولُ بخلافِ قولِ السَّلفِ وإن كانَ مُحتمَلاً، وهذا تطبيقٌ عمليٌّ مِنْ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) لِما تقرَّرَ مِنْ حُجِّيَّةِ أقوالِ السَّلفِ، ومِن قولِه في ذلك: «وهذه الأقوالُ وإن كانَت غيرَ بعيداتِ المعنى مِمَّا تحتملُه الآيةُ مِنْ التَّأويلِ، فإنَّ تأويلَ أهلَ التَّأويلِ مِنْ علماءِ سَلفِ الأُمَّةِ بخلافِها؛ فلذلك لم نستجِزْ صرفَ تأويلِ الآيةِ إلى معنىً مِنها» (١)، وقولُه: «وإذْ كانَ ذلك كذلك، وكانَ لا اختِلافَ بينهم ظاهرٌ، وكانَ ما كانَ مُستفيضاً فيهم ظاهرَ الحُجَّةِ = فالواجِبُ -وإن احتملَ ذلك معنىً غيرَ الذي قالوا- التَّسليمُ لما استفاضَ بصحَّتِه نقلُهم» (٢)، وردَّ قولاً وقالَ: «وهذا قَولٌ مُخالفٌ تأويلَ مَنْ ذكَرْنا تأويلَه مِنْ أهلِ العِلمِ في تأويلِ ﴿الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وإنْ كانَ صحيحاً على مذهَبِ العربيَّةِ» (٣)، وعِلَّةُ ذلك تتبيَّنُ في المسائِلِ الآتيةِ.

سادسَ عشر: القولُ بخلافِ قولِ السَّلفِ خطأٌ قطعاً؛ إذْ لو كانَ صواباً لقالَه السَّلفُ، وقد قرَّرَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في مُقدِّمتِه أنَّ ضابطَ إصابةِ الحقِّ في التَّفسيرِ: عدمُ الخروجِ عن أقوالِ السَّلفِ؛ فقالَ: «أحقُّ المفسِّرين بإصابةِ الحقِّ في تأويلِ القرآنِ الذي إلى علمِ تأويلِه للعبادِ السَّبيلُ أوضَحُهم حُجَّةً فيما تأوَّلَ وفسَّرَ .. ، كائِناً مَنْ كانَ ذلك المُتأوِّلُ والمُفسِّرُ، بعدَ ألّا يكونَ خارجاً تأويلُه وتفسيرُه ما تأوَّلَ وفسَّرَ مِنْ ذلك عن أقوالِ السَّلفِ مِنْ الصَّحابةِ والأئِمَّةِ، والخلفِ مِنْ التّابعين وعُلماءِ الأُمَّةِ» (٤).


(١) جامع البيان ٢/ ١٣٨.
(٢) جامع البيان ٨/ ٤٠.
(٣) جامع البيان ٣/ ٨٩. وينظر: ٨/ ٩١، ١٤/ ٥٢٤، ١٦/ ١٠٤،
(٤) جامع البيان ١/ ٨٩.

<<  <   >  >>