للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عِلمَ لك إلا بالظّاهرِ مِنْ الأمورِ، فلا تصبِرُ على ما ترى مِنّي مِنْ الأفعالِ. كما ذَكرْنا مِنْ الخَبرِ عن ابنِ عباسٍ قبلُ (١)، مِنْ أنَّه كانَ رجلاً يعملُ على الغَيْبِ، قد عُلِّمَ ذلك» (٢)، وقولِه في قولِه تعالى ﴿وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]: «يعني: الصّابرين عند البأسِ على ما ينالُهم في ذاتِ الله مِنْ جُروحٍ وألَمٍ ومَكروهٍ. كما حدَّثنا .. ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ [آل عمران: ١٤٢]، وتُصيبوا مِنْ ثوابي الكرامةَ، ولَمْ أختبِرْكُم بالشِّدَّةِ، وأبتليكُم بالمَكارِه، حتى أعلَمَ صِدقَ ذلك مِنكم؛ الإيمانُ بي، والصَّبرُ على ما أصابَكم فيَّ؟» (٣)، فحملَ الصَّبرَ العامَّ في الآيةِ على الصَّبرِ على المكارِه، كما ذكرَ ابنُ إسحاقَ (ت: ١٥٠).

تاسعَ عشر: يتقي ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) ما لَمْ يَسبِقهُ إليه أحدٌ مِنْ السَّلفِ، ومِن ذلك قولُه عند قولِه تعالى ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ [مريم: ٢٥]: «وقدْ كانَ -لو أنَّ المُفسِّرين كانوا فسَّروه كذلك-: وهُزّي إليك رُطباً بجِذعِ النَّخلةِ. بمعنى: على جذعِ النَّخلةِ = وجهاً صَحيحاً، ولكن لستُ أحفظُ عن أحدٍ أنَّه فسَّرَه كذلك» (٤)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ [الأعراف: ١٠١]: «ولو قيلَ: تأويلُه: فما كانَ هؤلاءِ الذين ورِثوا الأرضَ يا مُحمّدُ مِنْ


(١) ذكرَه في ١٥/ ٣٢٧.
(٢) جامع البيان ١٥/ ٣٣٤. وقد ذكرَ خبرَ ابنَ عبّاسٍ قبلَ ذلك ١٥/ ٣٢٧.
(٣) جامع البيان ٦/ ٩١. وينظر: ١٦/ ٧٩، ١٦٨.
(٤) جامع البيان ١٥/ ٥١٢.

<<  <   >  >>