للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأكثرَ يُقاسُ عليه» (١)، وما خرجَ عن بابِه ونظائِرِه فهو: الشَّاذُّ عندهم؛ الذي لا يُقاسُ عليه. (٢)

وقاعدةُ هذا البابِ التي أقامَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) عليها تفسيرَه هي أنَّ: كُلَّ ما لم يثبُتْ سماعاً، أو يصحّ قياساً، فليس مِنْ كلامِ العربِ. وما كانَ كذلك فلا تثبتُ به لُغةٌ، ولا يُحتجُّ به على معنىً، وليس في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) شيءٌ يُخالفُ ذلك، بل شَواهدُه لا تُحصى كثرةً، ولم أجِدْ في تفسيرِه استدلالاً بلُغةٍ غيرِ مسموعةٍ، أو قياسٍ غيرِ صحيحٍ، بل نصوصُه صريحةٌ في المنعِ مِنْ الاستشهادِ بمثلِ ذلك ورَدِّه، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ [الأنعام: ٣١]: «وقد زعمَ بعضُهم أنَّ الوِزْرَ: الثِّقلُ والحِمْلُ. ولستُ أعلمُ ذلك كذلك في شاهدٍ، ولا مِنْ رِوايةِ ثِقةٍ عن العربِ» (٣)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨]: «فأمّا فعيلٌ في الحصرِ بمعنى وصفِه بأنَّه الحاصرُ، فذلك ما لا نجدُه في كلامِ العربِ؛ فلذلك قُلتُ: قولُ الحسنِ أَولى بالصَّوابِ في ذلك. وقد زعمَ بعضُ أهلِ العربيَّةِ مِنْ أهلِ البصرةِ أنَّ ذلك جائزٌ، ولا أعلمُ لِما قالَ وَجْهاً يَصِحُّ إلا بعيداً، وهو أن يُقالَ: جاءَ حصيرٌ. بمعنى: حاصِرٌ، كما قيلَ: عليمٌ. بمعنى: عالمٌ، و: شهيدٌ. بمعنى شاهدٌ. ولم يُسمَعْ ذلك مُستعملاً في


(١) الكتاب ٤/ ٨. وينظر: الأصول، لابن السرَّاج ١/ ٥٦، والأغفال ٢/ ١٠، وضوابط الفكر النحوي ١/ ٤٤٦.
(٢) ينظر: الخصائص ١/ ١٤٠، ولمع الأدلة في النحو (ص: ١٠٥)، والاقتراح في أصول النَّحو ٢/ ٧٥٧.
(٣) جامع البيان ٩/ ٢١٦.

<<  <   >  >>