للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شِيَمٍ؛ فصَحَّحَت الشَّريعةُ مِنها ما هو صحيحٌ وزادَت عليه، وأبطلَت ما هو باطلٌ، وبيَّنَت منافعَ ما ينفعُ مِنْ ذلك، ومضارَّ ما يضُرُّ مِنه» (١).

ومِن ثَمَّ يتقرَّرُ أنَّه: كما لا يصِحُّ فهمُ القرآنِ بغيرِ لسانِ العربِ، فكذلك لا يصِحُّ فهمُه على غيرِ معهودِ العربِ ومجاري أحوالِها.

ثانياً: أنَّ مِنْ القرآنِ ما لا يُمكنُ فهمُه على الصَّوابِ بغيرِ معرفةِ أحوالِ مَنْ نزلَ فيهم؛ لأنَّه جارٍ على عُرفِهم، قالَ الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠): «ما تقرَّرَ مِنْ أُمِّيَّةِ الشَّريعةِ، وأنَّها جاريةٌ على مذاهبِ العربِ، ينبني عليه قواعدُ .. ، مِنها: أنَّه لا بُدَّ في فهمِ الشَّريعةِ مِنْ اتِّباعِ معهودِ الأمِّيّين؛ وهم: العربُ الذين نزلَ القرآنُ بلسانِهم، فإن كانَ للعربِ في لسانِهم عُرْفٌ مُستمرٌّ، فلا يصحُّ العدولُ عنه في فهمِ الشَّريعةِ، وإن لم يكُنْ ثَمَّ عُرْفٌ، فلا يصحُّ أن يُجْرى في فَهمِها على ما لا تعرِفُه» (٢).

ومِن هنا شَرَطَ العُلماءُ العلمَ بأحوالِ النُّزولِ في العالِمِ ومَن أرادَ أن يتكلَّمَ في التَّفسيرِ، فقالَ الشّافعي (ت: ٢٠٤): «لا يحِلُّ لأحدٍ يُفتي في دينِ الله إلّا رجُلاً عارِفاً بكتابِ الله؛ بناسِخِه ومَنْسوخِه، ومُحكَمِه ومُتشابِهِه، وتأويلِه وتَنْزيلِه، ومَكِّيِّه ومدَنِيِّه، وما أُريدَ به، وفيما أُنْزِلَ» (٣)، وقالَ ابنُ فارس (ت: ٣٩٥): «وفي كتابِ الله جلَّ ثناؤُه ما لا يُعلَمُ معناه إلا بمعرِفةِ قِصَّتِه» (٤)، وقالَ أبو القاسمِ


(١) الموافقات ٢/ ١١٢.
(٢) الموافقات ٢/ ١٣١.
(٣) الفقيه والمتفقه ٢/ ٣٣١.
(٤) الصّاحبي (ص: ٤٢).

<<  <   >  >>