للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكانَتُه العلميَّةُ:

ما إن فرغَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) من تدوينِ تفسيرِه وإقراءِه حتى انتشرَ عنه شرقاً وغرباً، وتنافسَ النّاسُ في نَسخِه وتحصيلِه، واشتهرَ به مؤلِّفُه غايةَ الاشتهارِ، وعُرِفَ به فضلُه في العلمِ وإمامتُه، قالَ أبو بكر ابنُ كامل (ت: ٣٥٠): «حُمِلَ هذا الكتابُ مشرقاً ومغرباً، وقرأه كلُّ مَنْ كانَ في وقتِه مِنْ العلماءِ، وكُلٌّ فضَّلَه وقدَّمَه» (١)، بل صارَ هذا التَّفسيرُ معياراً توزَنُ به التَّفاسيرُ، قالَ ابنُ حزمٍ (ت: ٤٥٦): «مِنْ مصنّفاتِ بقيّ بن مَخلَد كتابُ (تفسيرِ القرآنِ)، وهو الكتابُ الذي أقطعُ قطعاً لا أستثني فيه أنَّه لم يؤَلَّف في الإسلامِ مثلُه، ولا تصنيفَ محمد بن جريرٍ الطَّبري، ولا غيرَه» (٢).

وقد شهدَ العلماءُ مِنْ زمنِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) فمَن بعده بجلالةِ هذا التَّفسيرِ وتفرُّدِه وسَبقِه، فقالَ ابنُ خزيمة (ت: ٣١١): «نظرتُ فيه مِنْ أوَّلِه إلى آخرِه، وما أعلمُ على أديمِ الأرضِ أعلمَ مِنْ ابنِ جريرٍ» (٣)، وقالَ أبو حامد الاسفرائيني (ت: ٤٠٦): «لو سافرَ رجلٌ إلى الصين حتى


(١) معجم الأدباء ٦/ ٢٤٥٢.
(٢) رسائل ابن حزم ٢/ ١٧٨، ومعجم الأدباء ٢/ ٧٤٧.
(٣) تاريخ بغداد ٢/ ٥٥١.

<<  <   >  >>