للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القُرَظي (ت: ١٢٠): «بلَغني أنَّ قومَ شُعَيْبٍ عُذِّبوا في قطعِ الدَّراهمِ، ثُمَّ وجَدتُ ذلك في القرآنِ: ﴿أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾ [هود: ٨٧]» (١)، وذكرَ السُّدّي (ت: ١٢٨) قصَّةَ ظُهورِ السِّحرِ في بني إسرائيلَ، وأنَّ الشَّيطانَ تمثَّلَ لهم وأراهم موضِعَ كُتُبٍ، «فلمّا أخرَجوها قالَ الشَّيطانُ: إنَّ سليمانَ إنَّما كانَ يَضبطُ الإنسَ والشَّياطينَ والطَّيرَ بهذا السِّحرَ. ثُمَّ طارَ فذَهبَ، وفشا في النّاسِ أنَّ سليمانَ كانَ ساحِراً، واتَّخذَت بنو إسرائيلَ تلك الكُتُبِ، فلمّا جاءَ مُحمدً خاصَموه بها، فذلك حين يقولُ الله ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: ١٠٢]» (٢).

وعلى هَديِ السَّلفِ في هذا سارَ المُحقِّقون في علمِ التَّفسيرِ، وانتفعوا مِنْ هذه الأخبارِ بمقدارِ ما انتفعَ بها أسلافُهم ، أخذاً بالرُّخصةِ الشَّرعيَّةِ، واقتداءً بهَديِ خيرِ القُرونِ، فظهرَ جليّاً في عامَّةِ كتبِ التَّفسيرِ الاستعانةُ بها في بيانِ المعاني، خلا بعضَ التَّفاسيرِ المُتأخِّرةِ التي منعَ أصحابُها مِنْ الاستشهادِ بهذه الأخبارِ في التَّفسيرِ مُطلَقاً، وقصرَ بعضُهم الرُّخصةَ الشَّرعيَّةَ في التَّحديثِ بالمُباحِ عنهم على غيرِ التفسيرِ (٣)؛ لأنَّ في ذكرِها مقرونةً به تصديقٌ بما فيها. وهذا


(١) جامع البيان ١٢/ ٥٤٥.
(٢) جامع البيان ٢/ ٣١٣. وينظر: ٢/ ٦١، ٥٥٤، ١٠/ ٥٦٦، ٥٦٨، ١٣/ ١٥٥، ٨٥، ٢١١، ١٨/ ٦٩، ٢١٨، وتفسير يحيى بن سلّام ١/ ١٧٦، ١٨٥، ٣٢٤، ٢/ ٥٩٣.
(٣) ذهبَ إلى هذا أحمد محمد شاكر (ت: ١٣٧٧) في مقدِّمةِ تفسيرِه: عمدةُ التفسير ١/ ١٤، واستَحسنَه د. محمد حسين الذَّهبي (ت: ١٣٩٧) في كتابِه: الإسرائيليّات في التفسيرِ والحديثِ (ص: ١٦٧)، وظهرَت بعد ذلك مشاريعُ رسائلَ جامعيَّةٍ لغرضِ (تَنقيَةِ) كتبِ التَّفسيرِ مِنْ هذه الرِّواياتِ!.

<<  <   >  >>