للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَارُونَ﴾ [البقرة: ٢٤٨]: «جائزٌ أن تكونَ تلك البَقيَّةُ العصا، وكِسَرَ الألواحِ، والتَّوراةَ، أو بعضَها والنَّعلَيْن، والثّيابَ، والجهادَ في سبيلِ الله. وجائزٌ أن يكونَ بعضَ ذلك، وذلك أمرٌ لا يُدرَكُ عِلمُه مِنْ جِهةِ الاستِخراجِ ولا اللُّغةِ، ولا يُدرَكُ عِلمُ ذلك إلا بخبَرٍ يُوجِبُ عنه العِلمَ، ولا خبرَ عند أهلِ الإسلامِ في ذلك للصِّفةِ التي وصَفْنا» (١)، وقولِه أيضاً: «والصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك عندنا أن يُقالَ: إنَّ الله جلَّ ثناؤُه أخبرَ عن إبراهيمَ خليلِه أنَّه وابنَه إسماعيلَ رفعا القواعدَ مِنْ البَيتِ الحرامِ. وجائزٌ أن يكونَ ذلك قواعدَ بيتٍ كانَ أهبطَه مع آدمَ، فجعلَه مكانَ البيتِ الحرامِ الذي بمكَّةَ، وجائزٌ أن يكونَ ذلك كانَ القُبَّةَ التي ذكرَها عطاءٌ مِمّا أنشأَه الله مِنْ زَبَدِ الماءِ، وجائزٌ أن يكونَ كانَ ياقوتةً أو دُرَّةً أُهبِطتا مِنْ السَّماءِ، وجائزٌ أن يكونَ كانَ آدمُ بناه ثُمَّ تهدَّمَ حتى رفعَ قواعدَه إبراهيمُ وإسماعيلُ. ولا عِلمَ عندنا بأيِّ ذلك كانَ مِنْ أيٍّ؛ لأنَّ حقيقةَ ذلك لا تُدركُ إلا بخبرٍ عن الله، أو عن رسولِه بالنَّقلِ المُستفيضِ، ولا خبرَ بذلك تقومُ به الحُجَّةُ فيَجبَ التَّسليمُ لها، ولا هو -إذْ لم يكُن به خَبرٌ على ما وصَفْنا- مِمّا يُدرَكُ عِلمُه بالاستدلالِ والمقاييسِ، فيُمثَّلَ بغيرِه، ويُستنبطَ عِلمُه مِنْ جِهةِ الاجتهادِ، فلا قَولَ في ذلك أَولى بالصَّوابِ مِمّا قُلنا» (٢)، وقولِه بعدما أوردَ وجوهاً مُحتملةً مِنْ تلك الأخبارِ: «ولا دلالةَ له في كتابٍ، ولا أثرٍ عن الرَّسولِ ، ولا في إجماعِ الأُمَّةِ على أيِّ ذلك كانَ، وإذْ لم يكُنْ ذلك موجوداً مِنْ


(١) جامع البيان ٤/ ٤٧٧.
(٢) جامع البيان ٢/ ٥٥٦.

<<  <   >  >>