للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُبوتِه» (١)، ثُمَّ قالَ مُدَلِّلاً على ذلك: «فالذي عندنا مِنْ الأدلَّةِ ثلاثةُ أقسامٍ: موضوعاتٌ، وضِعافٌ، وغيرُ ذلك. فالذي ليس بموضوعٍ ولا ضَعيفٍ مُطلَقَ ضَعفٍ يُورَدُ للحُجَّةِ. والضَّعيفُ المُتماسكُ للتَّرغيبِ. والموضوعُ يُذكرُ لبيانِ التَّحذيرِ مِنه بأنَّه كذبٌ. فإذا وازَنت ما يَنقُلُه أئِمَّتُنا عن أهلِ دينِنا للاستدلالِ لشَرعِنا بما يَنقُلُه الأئِمَّةُ عن أهلِ الكتابِ = سقطَ مِنْ هذه الأقسامِ الثَّلاثةِ في النَّقلِ عنهم ما هو للحُجَّةِ؛ فإنَّه لا يُنقَلُ عنهم ما يُثبَتُ به حُكمٌ مِنْ أحكامِنا. ويبقى ما يُصَدِّقُه كتابُنا، فيجوزُ نَقلُه، وإن لم يُكُن في حَيِّزِ ما يَثبُتُ في حُكمِ الموعظةِ لنا. وأمّا ما كذَّبَه كتابُنا، فهو كالموضوعِ لا يجوزُ نَقلُه إلا مَقروناً ببيانِ بُطلانِه» (٢).

سادساً: يؤَكِّدُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الأخبارَ الإسرائيليّةَ بغيرِها مِنْ الأدلَّةِ، ومِن ذلك توكيدُها بإجماعِ أهلِ التأويلِ على الأخذِ بها، كما في قولِه عند قولِه تعالى ﴿لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: ٤]، حيثُ ذكرَ الأخبارَ الطَّويلةَ في صِفةِ إفسادِهم، ثُمَّ قالَ: «وأمّا إفسادُهم في الأرضِ المَرَّةَ الآخِرَةَ، فلا اختلافَ بين أهلِ العلمِ أنَّه كانَ قتلَهم يحيى بن زكريّا» (٣)، ورجَّحَ بعضَ أوجهِ القراءةِ في قولِه تعالى ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا﴾ [المائدة: ٢٣]، وقالَ: «ثُمَّ في إجماعِ الحُجَّةِ في تأويلِها على أنَّهما رجُلانِ مِنْ أصحابِ موسى مِنْ بني إسرائيلَ؛ وأنَّهما


(١) الأقوالُ القويمةُ في حكمِ النقلِ عن الكتبِ القديمةِ (مخطوط، ورقة: ٣٤)، بواسطة: الإسرائيليّات في التفسير والحديث (ص: ٥٤). ويُنظر (ص: ٧١) مِنْ القِسمِ المطبوعِ مِنْ الأقوالِ القويمةِ، ضمن مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد ٢٦، الجزء ٢.
(٢) المرجع السابق. وينظر: أحكام القرآن، لابن العربي ٣/ ١٩٩، وتفسير ابن كثير ٩/ ٤١١.
(٣) جامع البيان ١٤/ ٤٦٩.

<<  <   >  >>