للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [التوبة: ٣٤] كَبُرَ ذلك على المسلمين، فقالَ عمرُ : أنا أُفَرِّجُ عنكم. فانطلقَ، فقالَ: يا نبيَّ الله إنَّه كَبُرَ على أصحابِكَ هذه الآية. فقالَ رسول الله : «إن الله لم يفرضْ الزَّكاةَ إلا ليُطَيِّبَ بها أموالَكم، وإنَّما فرضَ المواريثَ لتكون لمَن بعدَكم»، فكَبَّرَ عمرُ ) (١)، وهنا يبرز الاستدلالُ العقليُّ على المعاني؛ فإن المواريثَ فُرِضَت في مالٍ يبقى، وكذا الزَّكاةُ بعضٌ مِنْ مالٍ موجودٍ، فلو كانَ الكنزُ المذمومُ مُطلَقَ جمعِ المالِ لمَا كانَ لتشريعِ الزَّكاةِ وفرائضِ المواريثِ معنىً.

وقد سارَ على ذلك المنهجِ النبويِّ في الاستدلالِ على المعاني جماهيرُ السَّلفِ، وكَثُرَ النقلُ عنهم فيه كثرَةً ظاهرةً، ومِن أمثلةِ ذلك:

١ - قولُ قتادة (ت: ١١٧) في قولِه تعالى ﴿وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا﴾ [مريم: ٨٠]: «ما عنده؛ وفي حرفِ ابن مسعود (ونَرِثُه ما عِندَه) [مريم: ٨٠]» (٢).

٢ - وقالَ عبدُ الرحمن بن زيد (ت: ١٨٢) في قوله تعالى ﴿قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا﴾ [الأعراف: ١٨]: «ما نَعرِفُ المذؤومَ والمَذمومَ إلا واحداً،


(١) أخرجه أبو داود في السنن ٢/ ١٢٦ (١٦٦٤)، وأحمد في فضائل الصحابة ١/ ٣٧٤ (٥٦٠)، وأبو يعلى في المسند ٤/ ٣٧٨ (٢٤٩٩)، والبيهقي في السنن ٤/ ٨٣ (٧٠٢٧)، وهو حديثٌ حسنٌ لغيره؛ تُنظَر شواهده في مسند أحمد ٥/ ٢٧٨ (٢٢٤٤٦)، وجامع الترمذي ٥/ ٢٧٧ (٣٠٩٤)، وسنن ابن ماجة ١/ ٥٩٦ (١٨٥٦)، والكافي الشافِ، لابن حجر ٢/ ٢٥٨، وتفسير ابن كثير ٧/ ١٨٥.
(٢) جامع البيان ١٥/ ٦٢٢.

<<  <   >  >>