للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفاسيرِ السَّلفِ بالمعنى اللغوي، فيسهُلَ التَّأليفُ بينها، وبيانَ اتِّفاقِها على الحقيقةِ (١)، قالَ الشوكانيُّ (ت: ١٢٥٠): «واشدُد يديك في تفسير كتابِ الله على ما جاءَ عن الصَّحابةِ ؛ فإنَّهم مِنْ جُملَة العربِ، ومِن أهلِ اللغةِ، وممَّن جمعَ إلى اللغةِ العربيَّةِ العلمَ بالاصطلاحاتِ الشَّرعيَّةِ، ولكن إذا كانَ معنى اللفظِ أوسَعَ مِمَّا فَسَّروه به في لغةِ العربِ، فعليكَ أن تَضُمَّ إلى ما ذَكَرَه الصَّحابيُّ ما تقتضيه لُغَةُ العربِ وأسرارُها» (٢).

ومِن أمثِلَةِ بيانِ التراكيبِ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) تفسيرُه لقوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣]؛ فبعدَ أن ذكرَ المعنى الإفراديَّ لِلَفظةِ (الصَّلاةِ) و (الزَّكاةِ) و (الرُّكوعِ)، بَيَّنَ المعنى التَّركيبيَّ الإجماليَّ بقولِه: «وهذا أمرٌ مِنْ الله جلَّ ثناؤُهُ لمَن ذُكِرَ مِنْ أحبارِ بني إسرائيلَ ومُنَافِقيها بالإنابةِ والتَّوبةِ إليه، وبإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والدُّخُولِ مع المسلمين في الإسلامِ، والخضوعِ له بالطَّاعةِ. ونهيٌ مِنْهُ لهُم عن كِتْمَانِ ما قد عَلِمُوهُ مِنْ نُبُوَّةِ مُحمدٍ بعدَ تَظَاهُرِ حُجَجِهِ عليهم بما قد وصَفْنَا قَبلُ فيما مضى مِنْ كتَابِنا هذا، وبعد الإعذَار إليهم والإنذارِ، وبعد تَذْكيرِهم نِعَمَهُ إليهم وإلى أسلافِهم؛ تَعَطُّفاً مِنه بذلك عليهم، وإبلاغاً إليهم في المَعْذرَة» (٣).


(١) وهكذا كان يفعل ابنُ جرير (ت: ٣١٠)، كما في ١٣/ ٣٤١، ٤٤٣، ١٤/ ٥٠٩، ١٦/ ٢٦٦، ١٧/ ٦٢٠.
(٢) فتح القدير ٤/ ٣٠٩. وينظر: البسيط ١/ ٤١٤ - ٤١٦.
(٣) جامع البيان ١/ ٦١٣. وينظر في بيانه للتراكيب: ١/ ٦٢٣، ٢/ ٣٠، ٥/ ٣٨، ٨/ ٣١، ١١/ ١١، ٢٠/ ١٧١.

<<  <   >  >>