للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا النَّصُّ فمُقَابِلُ الدَّلالَةِ، ويشمَلُ مِنْ الأَدلَّةِ ما كانَ دالاًّ على المَقصودِ بنَفسِه، دونَ ما كانَتْ دِلالَتُه مِنْ غيرِه؛ كالقياسِ. ويُرَادُ به في الأغلبِ دليلُ ظاهِرِ الكتابِ والسُّنَّة (١). وذلك شَأْنُ الأَدِلَّةِ النَّقْليَّةِ في دَلالَتِها على المَقْصُودِ بِنَصِّها دونَ ما يُسْتَخرَجُ مِنها مِنْ أنواعِ الدِّلالات. وقَدْ جاءَ النَّصُّ مُفَسَّراً في بعضِ قولِ ابن جريرٍ (ت: ٣١٠)، ومِنه قولُه: «وغَيرُ جَائِزٍ إحَالَةُ ظَاهرِ التَّنْزيلِ إلى باطِنٍ مِنْ التَّأْوِيلِ لا دِلالَةَ عليهِ مِنْ نَصِّ كِتَابٍ، ولا خَبَرٍ لرسولِ الله ، ولا إِجمَاعٍ مِنْ الأُمَّةِ، ولا دِلالَةَ مِنْ بَعْضِ هذه الوُجوه» (٢)، وقولُه: «وهذا وجهٌ لا يجوزُ لأحدٍ القولُ فيه إلَّا ببيانِ رسولِ الله له تَأويلَه؛ بِنَصٍّ مِنه عليه، أو بدَلالَةٍ قد نَصَبَها دالَّةٍ أُمَّتَه على تأويلِه» (٣).

الأَصْلُ الثَّاني: الدَّليلُ النَّظريُّ.

ويشمَلُ أنواعَ الأَدِلَّةِ التي مَرَدُّها إلى نَظَرِ المُفَسِّرِ واجتِهادِه في استِخراجِ الدَّلالَةِ مِنْ الدَّليلِ النَّقليِّ؛ كدليلِ السِّياقِ، والنَّظيرِ والقياسِ، ونحوِها. وقد عَبَّرَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) عن هذا القِسمِ ب: العَقلِ، والاستدلالِ والاسْتِخراجِ، والدِّلالَةِ، والنَّظيرِ والقياسِ. وكُلُّها في معنى النَّظر ومِن بابِه؛ فأمَّا العَقْلُ فهو آلَةُ النَّظَرِ ووَسيلَتُه، وقد ذَكَرَه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في مُقَابل الخَبَرِ عن الله، ورَسولِه ، وإجماعِ المُسلمين، كما مَرَّ ذِكرُه.


(١) ينظر: جامع البيان ٣/ ٤٠٠، ٧٤٢، ١٤/ ١٧٦.
(٢) جامع البيان ٨/ ٦٧٩.
(٣) جامع البيان ١/ ٦٨، ٧٢.

<<  <   >  >>