للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحاء المهملة وتجمع على حبب ـ قال: فتخرج أجسادهم مثل اللؤلؤ في أعناقهم الخاتم عتقاء الله فيقال لهم: ادخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شيء فهو لكم قال: فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين قال: فيقول الله تعالى: فإنّ لكم عندي أفضل منه فيقولون: ربنا وما أفضل من ذلك؟ فيقول: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبداً» .

فإن قيل: لم أنث الضمير مع أنه راجع للمثقال وهو مذكر؟ أجيب: بأنه أنثه لتأنيث الخبر أو لإضافة المثقال إلى مؤنث، وقيل: إنّ الضمير راجع إلى ذرّة وهي مؤنثة لا إلى مثقال وحذفت النون تشبيهاً بحروف العلة، وقرأ نافع وابن كثير: حسنة برفع التاء على كان التامّة والباقون بنصبها على كان الناقصة، وقرأ ابن كثير وابن عامر (يضعفها) بتشديد العين ولا ألف قبلها والباقون بتخفيف العين وألف قبلها {ويؤت} أي: يعط صاحب الحسنة {من لدنه} أي: من عند الله على سبيل التفضل زائداً على ما وعد في مقابلة العمل {أجراً عظيماً} أي: عطاء جزيلاً وإنما سماه أجراً؛ لأنه تابع للأجر مزيد عليه لا يثبت إلا بثباته.

{فكيف} حال الكفار؟ {إذا جئنا من كل أمّة بشهيد} يشهد عليها بعملها وهو نبيها لقوله تعالى: {وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم} (المائدة، ١١٧)

{وجئنا بك} يا محمد {على هؤلاء} الشهداء {شهيداً} أي: شاهداً تشهد على صدقهم لعلمك بعقائدهم واستجماع شرعك على مجامع قواعدهم، وقيل: هؤلاء إشارة إلى المؤمنين لقوله تعالى: {لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً} (البقرة، ١٤٣)

وقيل: إلى الكافرين المستفهم عن حالهم.

وعن ابن مسعود أنه قرأ سورة النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله: {وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «حسبك» .

{يومئذٍ} أي: المجيء وهو يوم القيامة {يودّ} أي: يتمنى {الذين كفروا وعصوا الرسول لو} أي: أن {تسوّى بهم الأرض} كالموتى أو لم يبعثوا أو لم يخلفوا وكانوا هم والأرض سواء، وقال الكلبيّ يقول الله عز وجلّ للبهائم والوحوش والطيور والسباع: كونوا تراباً فتسوّى بهنّ الأرض فعند ذلك يتمنى الكافر أنه لو كان تراباً كما قال تعالى: {ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً} (النبأ، ٤٠)

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم: تسوّى بضم التاء للبناء للمفعول، والباقون بالفتح بالبناء للفاعل مع حذف إحدى التاءين في الأصل، وشدّد السين نافع وابن عامر، وخففها الباقون.

{ولا يكتمون الله حديثاً} أي: مما عملوه؛ لأنّ جوارحهم تشهد عليهم، وقال الحسن: إنها مواطن ففي موطن لا يتكلمون ولا تسمع إلا همساً، وفي موطن يتكلمون ويكذبون ويقولون: ما كنا مشركين وما كنا نعمل من سوء، وفي موطن يسألون الرجعة، وآخر تلك المواطن أن يختم على أفواههم وتتكلم جوارحهم وهو قوله تعالى: {ولا يكتمون الله حديثاً} وقال سعيد بن جبير: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن شيئاً يختلف عليّ فقال: هات ما اختلف عليك قال: قال الله تعالى: {فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون} (المؤمنون، ١٠١)

وقال تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون} (الطور، ٢٥)

وقال تعالى: {ولا يكتمون الله حديثاً} (النساء، ٤٢)

وقال: {وا ربنا ما كنا مشركين} (الأنعام، ٢٣)

فقد كتموا، وقال تعالى: {أم السماء بناها} إلى قوله: {والأرض بعد ذلك دحاها} (النازعات، ٣٠)

فذلك خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال: {أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين} إلى {طائعين} (فصلت، ١١)

فذكر في هذه خلق الأرض قبل خلق السماء وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>