وهذا البحثُ يرفعُ الاختلافَ بين الأحاديثِ من طرقٍ كثيرة:
أحدها: في مقدار الواجبِ، فيكونُ الواجبُ مسحَ الوجهِ والذراعين.
ثانيها: في كيفيةِ المسحِ، ففي حديثِ عَمّارٍ ضربةٌ واحدةٌ، وفي غيره من الأحاديث الأمرُ بالضربتين، فيكون الواجبُ ضربتين، كما هو قول الجمهور.
وثالثها: بطلانُ ترتيبِ الوجهِ على اليدين.
ورابعها: الجمعُ بين روايتيه، فيكونُ مرةً ذكرَ الحديثَ مستوفًى، ومرةً ذكرَ بعضَه مختصرًا، فيزولُ بذلك الاختلافُ في روايته.
وأما روايةُ المناكِب فتحمَلُ على أنهم فَعلوا ذلكَ طَلَبًا لإطالَةِ الغُرَّةِ كما يَفْعلون في الوُضوء، وأقرَّهُمْ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وإطالة الغرة مستحَبٌّ في التيمُّمِ على الأَصَحِّ عندَ الشافعية.
فَلْيُنْظَرْ في هذا، فإن كانَ حَسنًا، فمنَ اللهِ، وله الحمدُ، وإن كان خَطَأً، فمنِّي، وأنا أستغفرُ اللهَ الكريمَ.
وحُكيَ عن الزُّهْرِيِّ ومحمدِ بنِ سلمة (١): أنهما أوجبا التيمُّمَ إلى المَنْكِبين؛ لما قدمتهُ من حديثِ عمار.
* إذا تمَّ هذا، فإن الباء في قولِه:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ}[المائدة: ٦] يجوزُ أن تكون للإلْصاقِ، أو للاعتِمادِ، أو للزيادَةِ والتوكيدِ؛ كما قدمتُ ذلكَ آنفًا، ولا يجوزُ أن تكونَ للتبعيضِ، وهذا مِمَّا يدلُّ لِمَنْ منعَ التبعيضَ في مَسْحِ الرأسِ، وأوجبَ تعميمَه بالمَسْحِ.