للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: التقديمُ والتأخيرُ: وذلك مشهورٌ في لسانِ العرب. قال ذو الرُّمَّةِ: [البحر البسيط]

ما بالُ عَيْنِكَ مِنْها الماءُ يَنْسَكِبُ (١)

أي: ما بال عينك يَنْسَكِبُ منها الماءُ.

ويرد به القرآنُ العزيزُ، قال اللهُ -جَل جَلالُه-: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا} [سبأ: ٥١]؛ لأنَّ الفوت يكون بعد الأَخْذِ، وقال تعالى: {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ} [النمل: ٢٨] , وقال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا} [الكهف: ١] وغير ذلك من الآيات.

السادس: المحاذاةُ والمُقابَلَةُ للشيءِ بمثلِ لَفْظِهِ معَ اختِلاف المعنى: وهو مشهور في لسان العرب، قال عَمْرُو بنُ كُلْثوم: [البحر الوافر]

أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا ... فنجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجاهِلينا (٢)

ومنه في كتاب الله تعالى: {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: ١٤، ١٥] وقولُه تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤] وقولُه تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠].

ومن اتساعِ العربِ في هذا النوع استعمالُهم المُحاذاة في الألفاظِ


(١) انظر "ديوانه": (ق ١/ ١)، (ص: ٩). وعجزه:
كأنه من كُلى مَفْرِيَّةِ سَرِبُ
(٢) البيت في معلقته برواية أبي زيد القرشي في "جمهرة أشعار العرب" (ص: ١٤٧)، وهو غير موجود في رواية الزوزني في "المعلقات السبع".

<<  <  ج: ص:  >  >>