أقول: لَمَّا لطفَ اللهُ سبحانه بالمؤمنين، ورفعَ عنهم الحَرَجَ والجُناح، أباحَ لهم ولِمَنْ كان في تأديبهم من الصِّبيان والمَماليك أن يَلِجوا عليهم من غيرِ استئذانٍ؛ بخلافِ الأحرارِ البالغينِ؛ لِمَشَقَّةِ الاحترازِ منهم؛ لكثرةِ طوافِهم، ولم يحظرْ عليهم إلا في ثلاثةِ أوقاتٍ كما بَيَّنَها اللهُ تعالى، وأشار إلى علتها بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}[النور: ٥٨] الآية.
وهذه الأوقاتُ تُكْشَفُ فيها العوراتُ غالباً، وتقلُّ الحاجةُ إلى تطوافِ الصِّبيانِ والخَدَمِ، وتعدمُ المشقةُ التي هي سببُ رفعِ الجُناح، وقد تقدَّم شيءٌ من الكلامِ على أحكامِ العبيدِ والصِّبيانِ.
وقد اختلفَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ في هذه الآيةِ لَمّا قَلَّ عَمَلُ الناسِ بها.