للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يرفَعُ ضررَهُ، وإن كان من ذوي البَطْشِ دونَ الرأيِ، قَطَعَهُ من خلافٍ، وإن خَلا منَ الصفتين أخذَ بالضربِ والنفي.

ومنهم: من جعلهَا للتنويعِ بِحَسَبِ أنواعِ الجرائمِ.

فقال ابنُ عباسٍ: إذا قتلوا وأخذوا المالَ، قُتلوا وصُلِبوا، وإذا قَتَلوا ولم يأخذوا المالَ، قُتِلوا ولمْ يُصْلَبوا، وإذا أخذوا المالَ ولم يَقْتُلوا، قُطِعَتْ أيديهم وأرجلُهم من خلافٍ، ونفيُهم إذا هربوا أن يُطْلَبوا حتى يوجَدوا، فيقامَ عليهم الحَدُّ (١).

وبه قال الحسنُ، وقتَادةُ، والأوزاعيُّ، وابنُ جُبَيْرٍ (٢).

وبه أخذَ الشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأحمدُ، وإن اختلفوا في التنويع (٣).

ولكنَّ الشافعيَّ تبعَ تفسيرَ ابنِ عباسٍ، وخَرَّجَهُ في "مُسندِه" (٤) وله من الدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاّ بإحدى ثلاثٍ: كفرٌ بعدَ إيمانٍ، أو زِنًى بعدَ إِحْصانٍ، أو قَتْلُ نَفْسٍ بغير حَقٍّ" (٥)، ولأن هذا أشبهُ باعتبارِ الشرعِ في العُقوبات.

* واختلفوا في وقت الصَّلْبِ ومِقْدارهِ.

فقال الشافعيُّ: وقتُه بعد القتلِ، ومقداره ثلاثةُ أيام، إلا أن يُخافَ عليه


(١) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٦/ ٤٢٦).
(٢) انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٧/ ٢٣٨)، و"معالم التنزيل" للبغوي (٢/ ٣٣).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ٢٩١)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٥٤)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٣٤١)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ١٢٥).
(٤) رواه الإِمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٣٣٦).
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>