للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَ يومٌ إلا وفيهِ سُعودٌ ... ونُحوسٌ تَجْري لِقَوْمٍ فَقَوْمِ (١)

وقد كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يكرَهُ الطِّيَرَةَ، ويحبُّ الفَألَ (٢).

* فإن قلتَ: قد علمتُ تحريمَ هذهِ الأعيانِ الأربعةِ من أمرِ الله سبحانه باجتنابِها، وتعليلِها بأنّها رِجْسٌ فَهلْ هيَ رجس بوصف الله أم لا (٣)؟

قلنا: الذي ذهبَ إليه جُمهورُ أهلِ العِلْمِ أَنَّ الخَمرَ نَجِسَةٌ بِوَصْفِ اللهِ سُبْحانَه لَها بأنها رِجْسٌ، والرِّجْسُ هو النَّجِسُ (٤).

ولكنْ لا دَلالةَ لهم في هذا على التَّنْجيسِ؛ لأن الرِّجْسَ اسم مُشْتَرَك يقعُ على مَعان سأذكرُها في "سورةِ الأنعامِ" -إن شاءَ اللهُ تعالى-.

ولا يجوزُ بأن يُرادَ بهِ مَعْنى النَّجسِ؛ لأن الله تَعالى وصفَ بهِ الأعيان، ومعلومٌ قَطْعاً أن الميسرَ والأزلام والأنصابَ طاهرةُ الأعيان، فلا يكون صفة لموصوفاتٍ مختلِفَةٍ، وإن أريدَ به المَعْنى المتعلِّقُ بها؛ فإن المعانيَ (٥) لا تُوصَفُ بالنَّجَسِ، فتعيَّنَ أن مَعْنى النَّجَسِ هنا المُسْتَقْذَرُ، وهذا أمرٌ لا يوجبُ التنجيسَ، ولهذا ذهبَ الليثُ بنُ سعدٍ، وربيعةُ إلى طهارَةِ الخَمرِ، واختارَهُ المُزَنيُّ وبعضُ المُتَأَخِّرينَ من المالكيةِ (٦).


(١) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ٣٩٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٣/ ٢١٤).
(٢) روى مسلم (٢٢٢٣)، كتاب: السلام، باب: الطيرة والفأل، وما يكون فيه من الشؤم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى ولا طيرة، وأحب الفأل الصالح".
(٣) في "أ": "نجسة أم لا".
(٤) انظر: "المجموع" للنووي (٢/ ٥٢٠).
(٥) في "ب": "فالمعاني".
(٦) انظر: "المحلى" لابن حزم (١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>