للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى الدَّارَقُطْنِيُّ عن ابنِ عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: إن الشُّرّابَ كانوا يُضْربونَ على عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالأيدي والنِّعالِ والعِصِيِّ حتى تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان في خِلافَةِ أبي بَكْبر أكثر منه في عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو بكبر يجلِدُهم أربعينَ جَلْدَة حتى تُوُفِّيَ، وكان عمرُ من بعدِه يجلِدُهم كذلك أربعين، ثم أتى رجل من المُهاجرينَ الأَوَّلينَ، وقد شربَ، فأمر به أن يُجْلَدَ، فقال: أتجلِدُني؟ بيني وبينَكَ كتابُ الله، فقالَ عمر: أفي كتابِ اللهِ تجدُ أَلَّا أجلِدَكَ؟ فقالَ: إن الله تعالى يقولُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} [المائدة: ٩٣]، شَهِدْتُ معِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَدراً وأحُداً والخَنْدَقَ، والمشاهِدَ كُلَّها، فقال عمرُ: ألا ترُدُّونَ عليه ما يقولُ؟ فقال ابنُ عباسٍ: إنَّ هؤلاءِ الآياتِ أُنْزِلْنَ عُذْراً لِمَنْ صَبَرَ، وحُجَّةً على الناس، لأن الله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} [المائدة: ٩٠] الآية، ثم قرأ حتى أَنْفَدَ الآية الأخرى، فإنْ كانَ من الذينَ آمنوا وعَمِلوا الصالِحاتِ، فان الله سبحانَه قَدْ نهاهُ أن يَشْرَبَ الخَمْر.

فقال عمرُ: صَدَقْتَ، فقالَ عمرُ -رضيَ اللهُ تعالى عنهُ-: ماذا تَرَوْنَ؟ فقال علي -رضيَ اللهُ تعالى عنه- إذا شَرِبَ سَكِرَ، وإذا سَكِرَ هذَى، وإذا هذَى افْتَرَى، وعلى المُفْتَري ثمانونَ جَلْدَةً، فأمرَ به، فجُلِدَ ثمانين (١).


(١) رواه الدارقطني في "السنن" (٣/ ١٦٦)، قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ٧٦): وفي صحته نظر لما ثبت في "الصحيحين" عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر، ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلي أشارا بذلك جميعاً، لما ثبت في "صحيح مسلم" عن علي في جلد الوليد بن عقبة: أنه جلده أربعين، وقال: جلد رسول الله أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>