للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوي عن عَلِيٍّ أنه كانَ عندَ عثمانَ بنِ عفانَ -رضي الله تعالى عنهما- فَأُتِي عثمانُ بِلَحْمِ صَيْدٍ صادَهُ حَلالٌ، فأكلَ عثمانُ، وأبى عليٌّ أن يأكل، فقال: واللهِ ما صِدنا، ولا أَمَرنا، ولا أشَرنا، فقال عليٌّ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١) [المائدة: ٩٦].

ورويَ عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أنه كَرِهَ لَحمَ الصيدِ وهو مُحرِم، أُخِذَ لَهُ، أو لَمْ يُؤْخَذْ، وإن صادَهُ الحَلالُ (٢).

وعن أبي هريرةَ مثلُه، وكذا عنِ ابنِ عَمرٍو، وسَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ، وطاوسٍ مثلُه أيضاً (٣).

ولهم من الدَّليلِ حديثُ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ الثابتِ في "الصحيحين": أنه أَهْدَى إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حِماراً وحْشياً، وهو بالأَبْواءِ، أو بِوَدّانَ، فردَّه عليهِ، فلما رأى ما في وَجْهِهِ قال: "إنَّا لم نَرُدَّهُ عليكَ إلَّا أنا حُرُمٌ" (٤).

وذهبَ أكثُر الناسِ إلى تقييدِ هذا الإطلاقِ، فقال بعضُهم -وأظنُّه أبا حنيفة (٥): يحرُم عليهِ إن صادَهُ، أو صيدَ بإذنِه، أو دِلاَلتِه، وإن صيدَ بغيرِ


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٧١)، عن الحارث بن نوفل، عن أبيه.
وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٣/ ١٩٩).
(٢) روى ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٧٥)، عن ابن عباس: أنه قال في الآية: جعل الصيد حراماً حلال، وإن صاده حرام لحلال، فلا يحل له أكله.
(٣) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٤/ ٤٢٨)، و"مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٣٠٨)، و"تفسير الطبري" (٧/ ٧١).
(٤) روى البخاري (١٧٢٩)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، باب: إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل، ومسلم (١١٩٣)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم، عن عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثامة الليثي.
(٥) "أبا حنيفة": ليس في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>