للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجرينِ، وألقى الروثةَ، وقال: "إنها رِكْسٌ" (١) أي: رَجيعٌ نَجِسٌ.

والرِّكْسُ والنَّجِسُ بمعنًى.

وهو يحتملُ هنا أن يُرادَ به القبيحُ المستقذر، فلا يدلُّ على نجاسةِ الخنزيرِ؛ كما ذهبَ إليه مالِكٌ في أحد قوليه (٢).

ويحتمل أن يرادَ بهِ النَّجِسُ، فيدلُّ على نَجاسَةِ الخِنْزيرِ؛ كما ذهب إليه الشافعي وغيرُه (٣).

ويحتملُ أن يُرادَ بهِ العقابُ؛ فإنه سببُ العِقاب.

وقد يكونُ من بابِ تسميةِ السَّبَبِ بالمُسَبّب.

وبقيةُ الآيةِ قد تقدمَ الكلامُ عليه.


(١) رواه البخاري (١٥٥)، كتاب: الوضوء، باب: الاستنجاء بالحجارة، عن ابن مسعود.
(٢) لم أره هكذا فيما بين يدي من كتب المالكية، وإنما نقله عنهم غيرهم من المذاهب، والله أعلم.
وإنما فسر بعضم الرجس في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}: أن معناه في اللغة القذر؛ فكما أن العذرة لا تقبل التطهير فكذلك الخنزير؛ لأنه سوى بينه وبين الدم ولحم الميتة، وهما لا يقبلان التطهير فكذلك هو.
قلت: وهذا الكلام أبلغ من القول بنجاسة الخنزير.
وإنما الخلاف عند المالكية في سؤر الخنزير، هل هو طاهر أو نجس أو مكروه؟
أقوال في المذهب.
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١/ ٢٤٥)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٠)، و"الذخيرة" للقرافي (١/ ١٦٥)، و "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ١٧٦).
(٣) وهو مذهب الحنفية. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٣١٦)، و "المبسوط" للسرخسي (١/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>