للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالِكٌ في أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ: سترُ العورةِ فرضٌ إسلاميٌّ، لا يختصُّ بالصلاةِ (١)، واحتجَّ بما ثبتَ في الصحيح: أنه كانَ رجالٌ يُصَلُّونَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عاقِدينَ أُزْرَهُمْ على أعناقهم كهيئةِ الصِّبيان، ويقال للنساء: لا تَرْفَعْنَ رُؤوسَكُنَ حتى يَسْتَوِيَ الرجالُ جلوسًا (٢).

وبما روى عَمْرُو بنُ سَلمَةَ قال: لما رَجَعَ قومي من عندِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال لهم: "ليَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قِراءَةً"، فدعَوْني، فعلَّموني الركوعَ والسُّجودَ، فكنتُ أُصَلِّي بهم، وكان عَلَى بُرْدَة مفتوقة، وكانوا يقولون لأبي: ألا تغطي عنا استَ ابْنِكَ (٣)؟

* ولما كان أهلُ الجاهليةِ لا يأكلونَ في حَجِّهِمْ دَسَماً، ولا يأكلونَ إلا قوتاً؛ يُعَظِّمونَ بذلكَ حَجَّهُمْ، قالَ المسلمون: نحنُ أَحَقُّ أَنْ نفعلَ ذلكَ، فأَمَرَهُمُ اللهُ سبحانه أَنْ يأكلوا ويشربوا، ولا يُسْرِفوا بتحريمِ ما أحل اللهُ لهمْ منَ اللَّحْمِ والدَّسَم؛ إنه لا يُحِبُ المُسرفينَ المُشركين.


= "صحيحه" (١٧١١)، والحاكم في "المستدرك" (٩١٧)، وابن الجارود في "المنتقى" (١٧٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٣٣)، عن عائشة.
(١) هو قول بعض المالكية، وقد رجح بعضهم -كابن عبد البر وغيره- القول الأول بأن ستر العورة من فرائض الصلاة، انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ١٩٦)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٨٢)، و"الذخيرة" للقرافي (٢/ ١٠١).
(٢) رواه البخاري (٣٥٥)، كتاب: الصلاة في الثياب، باب: إذا كان الثوب ضيقًا، ومسلم (٤٤١)، كتاب: الصلاة، باب: أمر النساء المصليات وراء الرجال أن لا يرفعن رؤوسهن من السجود حتى يرفع الرجال، عن سهل بن سعيد.
(٣) رواه النسائي (٧٦٧)، كتاب: القبلة، باب: الصلاة في الإزار، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٧/ ٩٠)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٥٥)، والبيهقي في "السنن الصغرى" (٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>