للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فإنْ قلتَ: فقد عَلِمْتُ حَدَّ الفقيرِ الذي يستحقُّ الصدقةَ عندَ الشافعيِّ، فَما حَدُّهُ عندَ غيرِه؟

قلتُ: اختلفَ فيه أهلُ العلمِ اختلافًا كثيرًا:

فجعلَهُ أبو حنيفةَ مَنْ لمْ يَمْلِكِ النِّصابَ (١)؛ استدلالًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أن آخذَ الصدقةَ (٢) من أغنيائِكم، فَأَرُدَّها على فُقرائكم" (٣).

وقالَ أحمدُ، وإسحاقُ، والثوري: لا يأخُذُ مَنْ له خَمْسون دِرْهَما، أو قَدْرُها من الذهبِ، ولا يُعطى منها أكثرَ من ذلك، إلَّا أنْ يكونَ غارِمًا (٤)؛ لما رُويَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمَنْ لَهُ خَمْسونَ دِرْهَمًا" (٥)، ولكنه ضَعَّفَه الحُفّاظُ.

ورُوي عن مالكٍ: أَنَّهُ اعتبرَ أربعينَ دِرْهَمًا (٦)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَأَلَ النَّاسَ ولهُ أوقِيَّةٌ، أو عَدْلُها، فقدْ سَأَلَ إلْحافًا" (٧)، والأوقيةُ أربعونَ دِرْهَمًا.


(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٣٣١).
(٢) في "ب": "الزكاة".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "المغني" لابن قدامة (٢/ ٢٧٧)، و "كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٢٧١).
(٥) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٤٦٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠١٩٩)، والدارقطني في "سننه" (٢/ ١٢١)، عن عبد الله بن مسعود.
(٦) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البرّ (٣/ ٢١٠)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٠٢).
(٧) رواه أبو داود (١٦٢٧)، كتاب: الزكاة، باب: من يعطى من الصدقة، وحد الغنى، والنسائي (٢٥٩٦)، كتاب: الزكاة، باب: الإلحاف في المسألة، والإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٩٩٩)، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٣٦)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٢١)، وابن الجارود في "المنتقى" (٣٦٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٢٤)، عن عطاء بن يسار، عن رجل من بني أسد.

<<  <  ج: ص:  >  >>