للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالَ: "والله إنِّي لأَتقاكُمْ للهِ، وأَعْلَمُكُمْ بحدودِهِ" (١).

والذي إليه ذهبَ عامَّةُ أهلِ العلمِ بالقرآن من القُرَّاء والفُقَهاء إلى أنه على النَّدْبِ في حَقِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي حَقِّ أُمَّتِهِ (٢).

وإنَّما اختلفوا في الجَهْر والإِسرار، أَيُّهما أَفْضَلُ؟

* وحكي عن عَطاءٍ أن التعوذَ واجبٌ داخلَ الصَّلاةِ، غَيْرُ واجبٍ خارِجهَا.

قال الزُّهْرِيُّ: نزلَتِ الآيةُ في الصَّلاةِ، ونُدِبْنا إلى الاستعاذةِ في غير الصلاة.

* ثم اختلفوا في مَحَلِّ التَّعَوُّذِ: فذهبَ داودُ إلى أنَّ التعوذَ بعدَ القراءةِ، وأخذَ بظاهِرِ الترتيب، ويُروى عن أبي هُريرةَ -رضيَ اللهُ عنه-، ويحكى عن مالكٍ أيضًا (٣).

وذهبَ العامَّةُ منهم إلى أنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ القراءةِ، والمعنى: فإذا أَرَدْتَ أن تقرأَ القرآنَ، فاستعذْ باللهِ.

وقيل: إنِ في الخِطاب تقديمًا وتأخيرًا؛ لأن كُلَّ فِعْلين تقاربا في المعنى، جاز لكَ تقديمُ أَيِّهِما شئتَ؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)} [النجم: ٨]، المعنى: فتدَلَّى، ثم دَنا، وكقولهِ تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١)} [القمر: ١]، {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: ١٥٢].

* * *


(١) رواه مالك في "الموطأ" (١٠/ ٢٩١)، ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/ ٩٤).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ١٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٨٧ - ٨٦).
(٣) انظر: "المحلى" لا بن حزم (٣/ ٢٤٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>