للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف الشافعيةُ هلِ الأفضلُ الصبرُ على الإسلام، أو إعطاؤهم ما طلبوا، والتخلُّصُ من أيديهم؟

فقال بعضُهم: الأفضلُ الصبرُ؛ لما روى خَبَّابُ بن الأَرَتِّ -رضيَ الله تعالى عنه-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنْ كانَ الرجلُ مِمَّنْ كانَ قبلَكُم لَيُحْفَرُ لَهُ في الأرضِ، فَيُجْعَلُ فيها، فَيُؤْتَى بمِنْشار، فيوضَعُ على رأسِهِ، فَيُشَقُّ باثْنَينِ، فلا يَمْنَعُهُ ذلكَ عَنْ دينِه، ويُمَشَّطُ بِأَمْشاطِ الحديدِ ما دُونَ عَظْمِهِ منْ لَحْمٍ وعَصَبٍ، فما يَصُدُّه ذلكَ عَنْ دينِه" (١).

وقال بعضُهم: إن كانَ ممَّنْ يَرْجو النِّكايةَ في العَدُوِّ أو القيامَ بأحكامِ الشرعِ، فالأفضلُ له أن يدفعَ القتلَ عن نفسِه؛ لما في بقائِه من صلاحِ المسلمينَ، وإلَّا فالصبرُ في حَقِّه أَفْضَل (٢).

* وقد أجمعوا على أنَّ الإسلامَ يصحُّ معَ الإكراهِ، كإسلامِ أهل مَكَّةَ وغيرهم منَ المُنافقين.

* واختلفوا في سُقوط أَثَر الطَّلاقِ: فذهبَ جُمهورُ أهلِ العِلْمِ منَ الصَّحابةِ والتابعينَ إلى سُقوطِهِ، فلا يَقَعُ طلاقُ المُكْرَهِ.

وذهب الزُّهْرِيُّ والكوفِيُّونَ إلى وُقوعِ طلاقِه؛ كالهازِل؛ فالرِّضا ليسَ بشرطٍ في الطلاق (٣).


= (١/ ١٤٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٠٨)، عن محمد بن عمار بن ياسر.
(١) رواه البخاري (٣٤١٦)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام.
(٢) انظر: "المهذب" (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢)، و"معالم التَّنزيل" للبغوي (٣/ ٨٦).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ١٤)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ١٩٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البرّ (٦/ ٢٠١)، و"الجامع لأحكام القرآن" =

<<  <  ج: ص:  >  >>