للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطْرِ الصائِم إذا أُوجِرَ (١)، واختلفوا فيما إذا أكلَ بنفِسه (٢).

ولكنِّي أنكرُ على هذا المُجيب اختيارَهُ بمقالةِ (٣) المعتزلة؛ فإنهم إنما بَنَوا عدمَ تكليفِه على قاعدةِ الحُسْنِ والقُبْحِ، والأشعريةُ إنما جَوَّزوا تكليَفه لصلاحِ الخطاب له، مع وجودِ عقلِه، وثبوتِ اختيارِه، فلينتبهْ لهذا؛ فإنه تحقيقٌ حسنٌ.

والحَقُّ أنه داخلٌ في الخِطابِ، مُكَلَّفٌ بالشَّرائعِ، لكنَّهُ رَخَّصَ لهُ الشرعُ في فِعْلِ الأمرِ المُكْرَهِ عليه، ورَفَعَ عنهُ الإثمَ؛ كما رفعَ عنهُ الإثمَ في أكلِ المَيْتة، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ عن أُمَّتي الخَطَأُ والنِّسْيانُ وما اسْتُكرِهوا عليه" (٤).

فإنْ قلتَ: فهلْ يوصَفُ فعلُ المكرَهِ بالحَلالِ، أو بالحرامِ، وإنما رُخِّصَ لهُ الفعلُ، ورُفِعَ عنهُ المَأْثَمُ؟

قلنا: قد مضى في "سورةِ البقرةِ" في أكلِ الميتَةِ خلافٌ يشبهُ أنْ يكونَ هذا مثلَه، والله أعلم.

* * *


(١) أوجر: توجَّر الرجلُ: اذا شرب الماء كارهًا. "اللسان" (مادة: وجر) (٥/ ٢٧٩).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٢٣)، و"كشاف القناع" للبهوتي (٢/ ٣٢٠)، و "المجموع" للنووي (٦/ ٣٣٥)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٤٣٠)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٩١).
(٣) في "ب": "المقالة".
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>